حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء وقلة الحياء من موت القلب والروح فكلما كان القلب أحيى كان الحياء أتم قال الجنيد رحمه الله: الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء وحقيقته خلق يبعث على ترك القبائح ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق
ومن كلام بعض الحكماء: أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيي منه وعمارة القلب: بالهيبة والحياء فإذا ذهبا من القلب لم يبق فيه خير وقال ذو النون: الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة ما سبق منك إلى ربك والحب ينطق والحياء يسكت والخوف يقلق وقال السري: إن الحياء والأنس يطرقان القلب فإن وجدا فيه الزهد والورع وإلا رحلا وفي أثر إلهي يقول الله عز وجل: ابن آدم إنك ما استحييت مني أنسيت الناس عيوبك وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك ومحوت من أم الكتاب زلاتك وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة وفي أثر آخر: أوحى الله عز وجل إلى عيسى عليه الصلاة والسلام: عظ نفسك فإن اتعظت وإلا فاستحي مني: أن تعظ الناس وقال الفضيل بن عياض: خمس من علامات الشقوة: القسوة في القلب وجمود العين وقلة الحياء والرغبة في الدنيا وطول الأمل وفي أثر إلهي ما أنصفني عبدي يدعوني فأستحيي أن أرده ويعصيني ولا يستحيي مني وقال يحيى بن معاذ: من استحيى من الله مطيعا استحيى الله منه وهو مذنب
وهذا الكلام يحتاج إلى شرح ومعنا: أن من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فقلبه مطرق بين يديه إطراق مستح خجل: فإنه إذا واقع ذنبا استحيى الله عز وجل من نظره إليه في تلك الحال لكرامته عليه فيستحيي أن يرى من وليه ومن يكرم عليه: ما يشينه عنده وفي الشاهد شاهد بذلك فإن الرجل إذا اطلع على أخص الناس به وأحبهم إليه وأقربهم منه من صاحب أو ولد أو من يحبه وهو


الصفحة التالية
Icon