فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني" فقال :﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ * خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ * اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم * الذى عَلَّمَ بالقلم * عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ الحديث بكماله " وقال أبو رجاء العُطارِدِيّ : وكان أبو موسى الأشعرِيّ يطوف علينا في هذا المسجد : مسجدِ البصرة، فيُقْعِدنا حِلَقاً، فيقرِئنا القرآن ؛ فكأني أنظر إليه بين ثوبين له أبيضين، وعنه أخذت هذه السورة :﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ ﴾.
وكانت أوّل سورة أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
وروتْ عائشة رضي الله عنها أنها أوّل سورة أنزلت على رسول الله ﷺ، ثم بعدها ﴿ ن والقلم ﴾ [ القلم : ١ ]، ثم بعدها ﴿ يا أيها المدثر ﴾ [ المدثر : ١ ] ثم بعدها "والضحى" ذكره الماوردِيّ.
وعن الزُّهرِيُّ :" أول ما نزل سورة :﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ ﴾ إلى قوله ﴿ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾، فحزِن رسول الله ﷺ، وجعل يعلو شواهِق الجبال، فأتاه جبريل فقال له :"إنك نبيُّ الله" فرجع إلى خديجة وقال :"دَثِّروني وصُبُّوا عليّ ماء بارداً" فنزل { يا أيها المدثر " ومعنى ﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ ﴾ أي اقرأ ما أنزل إليك من القرآن مفتتحاً باسم ربك، وهو أن تذكر التسمية في ابتداء كل سورة.
فمحل الباء من "باسم ربك" النصب على الحال.
وقيل : الباء بمعنى على، أي اقرأ على اسم ربك.
يقال : فعل كذا باسم الله، وعلى اسم الله.
وعلى هذا فالمقروء محذوف، أي اقرأ القرآن، وافتتحه باسم الله.
وقال قوم : اسم ربك هو القرآن، فهو يقول :﴿ اقرأ باسم رَبِّكَ ﴾ أي اسمَ ربك، والباء زائدة ؛ كقوله تعالى :﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ]، وكما قال :
سُودُ المَحاجِر لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ...
أراد : لا يقرأن السور.
وقيل : معنى "اقرأ باسم ربك" أي اذكر اسمه.
أمره أن يبتدىء القراءة باسم الله.