وأخبرنا أبو عمرو الفراتي قال : أخبرنا محمد بن إسحاق قال : حدّثنا سعيد بن عيسى قال : حدّثنا فارس بن عمرو قال : حدّثنا صالح قال : حدّثنا مسلم بن خالد بن أبي نجح أن النبي ﷺ ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل اللّه ألف شهر قال : فعجب المسلمون من ذلك فأنزل اللّه سبحانه :﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر * لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ الذي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل اللّه.
ويقال : إنّ ذلك الرجل كان شمشون ( عليه السلام )، وكانت قصته على ما ذكر وهب بن منبه أنّه كان رجلا مسلماً وكانت أُمّه قد جعلته نذيراً، وكان من أهل قرية من قرى الروم كانوا يعبدون الأصنام، وكان منزله منها على أميال غير كثيرة، فكان يغزوهم وحده، ويجاهدهم في اللّه فيصيب منهم وفيهم حاجته، ويقتل ويسبي ويصيب الأموال، وكان إذا لقيهم لقيهم بلحي بعير لا يلقاهم بغيره، فإذا قاتلوه وقاتلهم وتعب وعطش انفجر له من الحجر الذي في اللحي ماء عذب فيشرب منه حتى يروى.
وكان قد أُعطي قوّة في البطش، وكان لا يوثقه حديد ولا غيره، فكان كذلك، فجاهدهم في اللّه، يصيب منهم حاجته لا يقدرون منه على شيء حتى قالوا : لن تأتوه إلاّ من قبل امرأته، فدخلوا على امرأته فجعلوا لها جعلا فقالت : نعم، أنا أوثقه لكم فأعطوها حبلا وثيقاً، وقالوا لها : إذا نام فأوثقي يده إلى عنقه حتى نأتيه فنأخذه، فلمّا نام أوثقت يده إلى عنقه بذلك الحبل، فلما هبُّ جذبه بيده فوقع من عنقه.