﴿ فِيهَا ﴾ أي في ليلة القدر ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾ قدّره اللّه سبحانه وقضاه في تلك السنة إلى قابل، لقوله سبحانه في الرعد :﴿ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله ﴾ [ الرعد : ١١ ] أي بأمر الله.
وقد أخبرنا محمد بن عبدوس قال : حدّثنا محمد بن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن الجهم قال : حدّثنا يحيى بن زياد الفرّاء قال : حدّثني أبو بكر بن عباس عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنّه كان يقرأ من كل امرئ سلام، ورويت هذه القراءة أيضاً عن علي بن أبي طالب وعكرمة، ولها وجهان :
أحدهما : إنّه وجّه معناه إلى الملك أي من كلّ ملك سلام.
والثاني : أن يكون من بمعنى على تقديره : على كل امرئ من المسلمين سلام من الملائكة كقوله سبحانه :﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم ﴾ [ الأنبياء : ٧٧ ] أي على القوم، والقراءة الصحيحة ما عليه العامة ؛ لاجماع الحجّة من القراءة عليها ولموافقتها خطّ المصاحف ؛ لأنه ليس فيها ياء.
وقوله :﴿ سَلاَمٌ ﴾ تمام الكلام عند قوله :﴿ مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾ ثم ابتدأ فقال سبحانه :﴿ سَلاَمٌ هِيَ ﴾ أي ليلة القدر سلام وخير كلّها ليس فيها شر.
قال الضّحاك : لا يقدر اللّه سبحانه في تلك الليلة إلاّ السلامة، فأمّا في الليالي الأُخر فيقضي اللّه تعالى فيهنّ البلاء والسلامة، قال مجاهد : هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً ولا أن يحدث فيها أذى.
وقال الشعبي ومنصور بن زاذان : هو تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر، يمرون على كلّ مؤمن ويقولون : السلام عليك يا مؤمن.


الصفحة التالية
Icon