والقول الخامس : أن الأولى طلبها في أول ليلة من رمضان، قاله أبو رزين العقيلي.
وروى أيوب عن أبي قُلابة أنه قال : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر.
فأما الحكمة في إخفائها فليتحقق اجتهاد العباد في ليالي رمضان طَمَعاً منهم في إدراكها، كما أخفى ساعة الجمعة، وساعة الليل، واسمه الأعظم، والصلاة الوسطى، والوليُّ في الناس.
قوله تعالى :﴿ وما أدراك ما ليلة القدر ﴾ هذا على سبيل التعظيم والتشوق إلى خيرها.
قوله تعالى :﴿ ليلة القدر خير من ألف شهر ﴾ قال مجاهد : قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر وصيامها ليس فيها ليلة القدر، وهذا قول قتادة، واختيار الفراء، وابن قتيبة، والزجاج، وروى عطاء عن ابن عباس أن النبي ﷺ ذُكِرَ له رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب رسول الله ﷺ لذلك، وتمنَّى أن يكون ذلك في أمته، فأعطاه الله ليلة القدر، وقال هي خير من ألف شهر التي حمل فيها الاسرائيلي السلاح في سبيل الله.
وذكر بعض المفسرين أنه كان الرجل فيما مضى لا يستحق أن يقال له : عابد حتى يعبد الله ألف شهر كانوا يعبدون فيها.
قوله تعالى :﴿ تنزَّل الملائكة ﴾ قال أبو هريرة : الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى.
وفي الروح ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه جبريل، قاله الأكثرون.
وفي حديث أنس أن رسول الله ﷺ قال :" إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلُّون ويسلِّمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل ".
والثاني : أن الروح : طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر، قاله كعب، ومقاتل بن حيان.
والثالث : أنه ملَك عظيم يفي بخلق من الملائكة، قاله الواقدي.


الصفحة التالية
Icon