قال حجة الإِسلام في كتاب "المنقذ من الضلال" :"إن مجموع الأخلاق الفاضلة كان بالغاً في نبينا إلى حد الإِعجاز وأن معجزاته كانت غاية في الظهور والكثرة".
و﴿ من اللَّه ﴾ متعلق بـ ﴿ رسول ﴾ ولم يُسلَك طريق الإِضافة ليتأتى تنوين ﴿ رسول ﴾ فيشعر بتعظيم هذا الرسول.
وجملة ﴿ يتلوا صحفاً ﴾ الخ صفة ثانية أو حال، وهي إدماج بالثناء على القرآن إذ الظاهر أن الرسول الموعود به في كتبهم لم يوصف بأنه يتلو صحفاً مطهرة.
والتلاوة : إعادة الكلام دون زيادة عليه ولا نقص منه سواء كان كلاماً مكتوباً أو محفوظاً عن ظهر قلب، ففعل ﴿ يتلو ﴾ مؤذن بأنه يقرأ عليهم كلاماً لا تُبَدَّل ألفاظه وهو الوحي المنزل عليه.
والصحف : الأوراق والقراطيس التي تُجعل لأن يكتب فيها، وتكون من رَق أو جلد، أو من خِرَق.
وتسمية ما يتلوه الرسول ﴿ صحفاً ﴾ مجاز بعلاقة الأيلولة لأنه مأمور بكتابته فهو عند تلاوته سيكون صُحفاً، فهذا المجاز كقوله :﴿ إني أراني أعصر خمراً ﴾
[ يوسف : ٣٦ ].
وهذا إشارة إلى أن الله أمر رسوله ﷺ بكتابة القرآن في الصحف وما يشبه الصحف من أكتاففِ الشاء والخِرَق والحجارة، وأن الوحي المنزل على الرسول سمي كتاباً في قوله تعالى :﴿ أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ﴾ [ العنكبوت : ٥١ ] لأجل هذا المعنى.
وتعدية فعل ﴿ يتلو ﴾ إلى ﴿ صحفاً ﴾ مجاز مرسل مشهور ساوى الحقيقة قال تعالى :﴿ وما كنت تتلو من قبله من كتاب ﴾ [ العنكبوت : ٤٨ ]، وهو باعتبار كون المتلو مكتوباً، وإنما كان رسول الله ﷺ يتلو عليهم القرآن عن ظهر قلب ولا يقرأه من صحف فمعنى ﴿ يتلو صحفاً ﴾ يتلو ما هو مكتوب في صحف والقرينة ظاهرة وهي اشتهار كونه ﷺ أمِّيّاً.