ولما كان ذلك ربما ادعى أنه لناس مخصوصين في زمان مخصوص، قال معمماً له ومنبهاً على الوصف الذي كان سبب أعمالهم التي كانت سبب جزائهم :﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي الذي جوزوا به ﴿لمن خشي ربه﴾ أي خاف المحسن إليه خوفاً يليق به، فلم يركن إلى التسويف والتكاسل، ولم يطبع نفسه بالشر بالجري مع الهوى في التطعم بالمحرمات بل كان ممن يطلب معالي الأخلاق فيستفتي قلبه فيما يرضي ربه، فكان تواتر إحسانه يزيده خوفاً فيزيده شكراً، فإن الخشية ملاك الأمر، والباعث على كل خير، وهي للعارفين، قال الملوي ما معناه : إن الإنسان إذا استشعر عقاباً يأتيه أو خسراً، لحقته حالة يقال لها الخوف وهي انخلاع القلب عن طمأنينة الأمن وقلقه واضطرابه لتوقع مكروه، فإن اشتد سمي وجلاً لجولانه في نفسه، فإذا اشتد سمي رهباً لأدائه إلى الهرب، وهي حالة المؤمنين الفارين إلى الله ومن غلب عليه الحب لاستغراق في شهود الجماليات لحقته حالة تسمى مهابة إذ لا ينفك عن خوف إبعاد أو صد لغفلة أو ذلة، ومن غلب عليه التعظيم لاستغراق في شهود الجلاليات صار في الإجلال، ووراء هذا الخشية