إذا عرفت ذلك فنقول : أهل الكتاب ما كانوا يطعنون في الله بل في الرسول، وأما المشركون فإنهم كانوا يطعنون في الله، فلما أراد الله تعالى في هذه الآية أن يذكر سوء حالهم بدأ أولاً في النكاية بذكر من طعن في محمد عليه الصلاة والسلام وهم أهل الكتاب، ثم ثانيا بذكر من طعن فيه تعالى وهم المشركون وثانيها : أن جناية أهل الكتاب في حق الرسول عليه السلام كانت أعظم، لأن المشركين رأوه صغيراً ونشأ فيما بينهم (١)، ثم سفه أحلامهم وأبطل أديانهم، وهذا أمر شاق، أما أهل الكتاب فقد كانوا يستفتحون برسالته ويقرون بمبعثه فلما جاءهم أنكروه مع العلم به فكانت جنايتهم أشد.
السؤال الثاني : لم ذكر :﴿كَفَرُواْ﴾ بلفظ الفعل :﴿والمشركين﴾ باسم الفاعل ؟ والجواب : تنبيهاً على أن أهل الكتاب ما كانوا كافرين من أول الأمر لأنهم كانوا مصدقين بالتوراة والإنجيل، ومقرين بمبعث محمد ﷺ، ثم إنهم كفروا بذلك بعد مبعثه عليه السلام بخلاف المشركين فإنهم ولدوا على عبادة الأوثان وإنكار الحشر والقيامة.

(١) لعل الأولى أن يقال : ونشأ يتيما بينهم، ولعل فيما صحفت عن يتيما.


الصفحة التالية
Icon