السؤال الرابع : ما السبب في أنه لم يقل ههنا خالدين فيها أبداً، وقال في صفة أهل الثواب :﴿خالدين فِيهَا أَبَداً﴾ [ البينة : ٨ ] ؟ والجواب : من وجوه أحدها : التنبيه على أن رحمته أزيد من غضبه وثانيها : أن العقوبات والحدود والكفارات تتداخل، أما الثواب فأقسامه لا تتداخل وثالثها : روى حكاية عن الله أنه قال : يا داود حببني إلى خلقي، قال : وكيف أفعل ذلك ؟ قال : اذكر لهم سعة رحمتي، فكان هذا من هذا الباب.
السؤال الخامس : كيف القراءة في لفظ البرية ؟ الجواب : قرأ نافع البريئة بالهمز، وقرأ الباقون بغير همز وهو من برأ الله الخلق، والقياس فيها الهمز إلا أنه ترك همزه، كالنبي والذرية والخابية، والهمزة فيه كالرد إلى الأصل المتروك في الاستعمال، كما أن من همز النبي كان كذلك وترك الهمز فيه أجود، وإن كان الهمز هو الأصل، لأن ذلك صار كالشيء المرفوض المتروك.
وهمز من همز البرية يدل على فساد قول من قال : إنه من البرا الذي هو التراب.
السؤال السادس : ما الفائدة في قوله :﴿هم شر البرية﴾ ؟ الجواب : أنه يفيد النفي والإثبات أي هم دون غيرهم، واعلم أن شر البرية جملة يطول تفصيلها، شر من السراق، لأنهم سرقوا من كتاب الله، صفة محمد ﷺ، وشر من قطاع الطريق، لأنهم قطعوا طريق الحق على الخلق، وشر من الجهال الأجلاف، لأن الكبر مع العلم يكون كفر عناد فيكون أقبح.
واعلم أن هذا تنبيه على أن وعيد علماء السوء أعظم من وعيد كل أحد.
السؤال السابع : هذه الآية هل هي مجراة على عمومها ؟ الجواب : لا بل هي مخصوصة بصورتين إحداهما : أن من تاب منهم وأسلم خرج عن الوعيد والثانية : قال بعضهم : لا يجوز أن يدخل في الآية من مضى من الكفار، لأن فرعون كان شراً منهم، فأما الآية الثانية وهي الآية الدالة على ثواب المؤمنين فعامة فيمن تقدم وتأخر، لأنهم أفضل الأمم.