وقال الفراء :
سورة ( البينة )
﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾
قوله عز وجل :﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ...﴾.
يعنى : النبى ﷺ، وهى فى قراءة عبدالله :"لَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُون وأَهْلُ الْكِتابِ مُنْفَكِّين". فقد اختَلف التفسير، فقيل : لم يكونوا منفكين منتهين حتى [/ا] تأتيهم البينة.
يعنى : بعثه محمد ﷺ والقرآن : وقال آخرون : لم يكونوا تاركين لصفة محمد ﷺ فى كتابهم : أنه نبىٌّ حتى ظهر، تفرقوا واختلفوا، ويصدّق ذلك.
﴿ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً ﴾
وقوله عَزَّ وَجَل :﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ...﴾.
نكرة استؤنف على البينة، وهى معرفة، كما قال :﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ وهى فى قراءة أُبى :"رَسُولاً مِنَ اللهِ" بالنصب على الانقطاع من البيِّنة.
﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾
وقوله عز وجل :﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ...﴾.
وقد يكون الانفكاك على جهةِ يُزال، ويكون على الانفكاك الذى تعرفه، فإذا كنت على جهة يَزال فلا بد لها من فعل، وأن يكون معها جحد، فتقول، ما انفككت أذكرك، تريد : ما زلت أذكرك، فإِذا كانت على غير معنى : يزال، قلت : قد انفككت منك، وانفك الشىء من الشىء، فيكون بلا جحد، وبلا فعل، وقد قال ذو الرمة :
قلائص لا تنفك إِلاّ مُناخة * على الخسف أو ترمى بلداً قفرا
فلم يدخل فيها إلا (إِلاَّ) وهو ينوى بها التمام وخلاف : يزال، لأنك لا تقول : ما زلت إلا قائماً.