وهو محمد عليه السلام، فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه، ثم قال :﴿وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق ولا أقرهم على الكفر إلا مجيء الرسول، ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه : لست أمتنع مما أنا فيه من الأفعال القبيحة حتى يرزقني الله الغنى، فلما رزقه الله الغنى ازداد فسقاً فيقول واعظه : لم تكن منفكاً عن الفسق حتى توسر، وما غمست رأسك في الفسق إلا بعد اليسار بذكره ما كان يقوله توبيخاً وإلزاماً، وحاصل هذا الجواب يرجع إلى حرف واحد، وهو أن قوله :﴿لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ مُنفَكّينَ﴾ عن كفرهم :﴿حتى تَأْتِيَهُمُ البينة﴾ مذكورة حكاية عنهم، وقوله :﴿وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ هو إخبار عن الواقع، والمعنى أن الذي وقع كان على خلاف ما ادعوا وثانيها : أن تقدير الآية، لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم وإن جاءتهم البينة.
وعلى هذا التقدير يزول الإشكال هكذا ذكره القاضي إلا أن تفسير لفظة حتى بهذا ليس من اللغة في شيء وثالثها : أنا لا نحمل قوله :﴿مُنفَكّينَ﴾ على الكفر بل على كونهم منفكين عن ذكر محمد بالمناقب والفضائل والمعنى لم يكن الذين كفروا منفكين عن ذكر محمد بالمناقب والفضائل حتى تأتيهم البينة قال ابن عرفة : أي حتى أتتهم، فاللفظ لفظ المضارع ومعناه الماضي، وهو كقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon