هذه الآية فيها أحكام تتعلق بالشرع أحدها : أنه تعالى فسر قوله :﴿الذين كَفَرُواْ﴾ بأهل الكتاب وبالمشركين، فهذا يقتضي كون الكل واحداً في الكفر، فمن ذلك قال العلماء : الكفر كله ملة واحدة، فالمشرك يرث اليهودي وبالعكس والثاني : أن العطف أوجب المغايرة، فلذلك نقول : الذمي ليس بمشرك، وقال عليه السلام :" غيرنا كحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم " فأثبت التفرقة بين الكتابي والمشرك الثالث : نبه بذكر أهل الكتاب أنه لا يجوز الاغترار بأهل العلم إذ قد حدث في أهل القرآن مثل ما حدث في الأمم الماضية.
المسألة الرابعة :
قال القفال : الانفكاك هو انفراج الشيء عن الشيء وأصله من الفك وهو الفتح والزوال، ومنه فككت الكتاب إذا أزلت ختمه ففتحته، ومنه فكاك الرهن وهو زوال الإنغلاق الذي كان عليه ألا ترى أن ضد قوله : انفك الرهن، ومنه فكاك الأسير وفكه، فثبت أن انفكاك الشيء عن الشيء هو أن يزيله بعد التحامه به، كالعظم إذا انفك من مفصله، والمعنى أنهم متشبثون بدينهم تشبثاً قوياً لا يزيلونه إلا عند مجيء البينة، أما البينة فهي الحجة الظاهرة التي بها يتميز الحق من الباطل فهي من البيان أو البينونة لأنها تبين الحق من الباطل، وفي المراد من البينة في هذه الآية أقوال :


الصفحة التالية
Icon