ثم قال :﴿وَذَلِكَ دِينُ القيمة﴾ أي وذلك المذكور هو دين القيمة وإنما قلنا : إن الدين هو الإسلام لقوله تعالى :﴿إِنَّ الدّينَ عِندَ الله الإسلام﴾ [ آل عمران : ١٩ ] وإنما قلنا : إن الإسلام هو الإيمان لوجهين الأول : أن الإيمان لو كان غير الإسلام لما كان مقبولاً عند الله تعالى لقوله تعالى :﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [ آل عمران : ٨٥ ] لكن الإيمان بالإجماع مقبول عند الله، فهو إذاً عين الإسلام والثاني : قوله تعالى :﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين﴾ [ الذاريات : ٣٥، ٣٦ ] فاستثناء المسلم من المؤمن، يدل على أن الإسلام يصدق عليه، وإذا ثبتت هذه المقدمات، ظهر أن مجموع هذه الثلاثة أعني القول والفعل والعمل هو الإيمان، وحينئذ يبطل قول من قال : الإيمان اسم لمجرد المعرفة، أو لمجرد الإقرار أولهما معاً والجواب : لم لا يجوز أن تكون الإشارة بقوله :﴿وَذَلِكَ﴾ إلى الإخلاص فقط ؟ والدليل عليه أنا على هذا التقدير لا نحتاج إلى الإضمار أولى، وأنتم تحتاجون إلى الإضمار، فتقولون : المراد وذلك المذكور، ولا شك أن عدم الإضمار أولى، سلمنا أن قوله :﴿وَذَلِكَ﴾ إشارة إلى مجموع ما تقدم لكنه يدل على أن ذلك المجموع هو الدين القيم، فلم قلتم : إن ذلك المجموع هو الدين، وذلك لأن الدين غير، والدين القيم، فالدين هو الدين الكامل المستقبل بنفسه، وذلك إنما يكون إذا كان الدين حاصلاً، وكانت آثاره ونتائجه معه حاصلة أيضاً، وهي الصلاة والزكاة، وإذا لم يوجد هذا المجموع، لم يكن الدين القيم حاصلاً، لكن لم قلتم : إن أصل الدين لا يكون حاصلاً والنزاع ما وقع إلا فيه ؟ والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٢ صـ ٣٧ ـ ٤٦﴾