قال مقاتل : نزلت هذه الآية في رجلين وذلك أنه لما نزل ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ ﴾ [ الدهر : ٨ ] كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلّ أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ونحوها ويقول : ما هذا بشيء إنّما نُؤجر على ما نعطي ونحن نحبه يقول اللّه سبحانه :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ ﴾ [ الدهر : ٨ ] فما أحب لنا هذا فردهُ غفران، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير، الكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك ويقول : ليس عليَّ من هذا شيء إنّما وعد اللّه سبحانه النار على الكبائر، وليس في هذا إثم، فأنزل اللّه سبحانه يرغّبهم في القليل من الخير أن يعطوه، فإنّه يوشك أن يكثر، ويحذّرهم اليسير من الذنب فإنّه يوشك أن يكبر، فالإثم الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعلى من الجبال، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء فقال :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾.
سُئل ثعلبة عن الذرّة قال : إن مائة مثل وزن حبّة والذرّة واحد منها. وقال يزيد بن [ مروان ] : زعموا أن الذرّة ليس لها وزن، ومعنى المثقال الوزن، وهو مفعال من الثقل، وقال ابن مسعود : أحكم آية في القرآن ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ وكان رسول اللّه ﷺ يسمّيها " الجامعة الفاذة "، وتصدق سعد بن أبي وقّاص بتمرتين وقبض السائل يده فقال سعد : ويحك تقبل اللّه منّا مثقال الذرّة والخردلة وكأين في هذه من مثاقيل.
وتصدّق عمر بن الخطّاب وعائشة بحبة من عنب وقالا فيها مثاقيل ذرّ كُثر.