وقال أبو حيان :
سورة الزلزلة
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) ﴾
لما ذكر فيما قبلها كون الكفار يكونون في النار، وجزاء المؤمنين، فكأن قائلاً قال : متى ذلك؟ فقال :﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ﴾.
قيل : والعامل فيها مضمر، يدل عليه مضمون الجمل الآتية تقديره : تحشرون.
وقيل : اذكر.
وقال الزمخشري : تحدث، انتهى.
وأضيف الزلزال إلى الأرض، إذ المعنى زلزالها الذي تستحقه ويقتضيه جرمها وعظمها، ولو لم يضف لصدق على كل قدر من الزلزال وإن قل ؛ والفرق بين أكرمت زيداً كرامة وكرامته واضح.
وقرأ الجمهور :﴿ زلزالها ﴾ بكسر الزاي ؛ والجحدري وعيسى : بفتحها.
قال ابن عطية : وهو مصدر كالوسواس.
وقال الزمخشري : المكسور مصدر، والمفتوح اسم، وليس في الأبنية فعلال بالفتح إلا في المضاعف، انتهى.
أما قوله : والمفتوح اسم، فجعله غيره مصدراً جاء على فعلال بالفتح.
ثم قيل : قد يجيء بمعنى اسم الفاعل، فتقول : فضفاض في معنى مفضفض، وصلصال : في معنى مصلصل.
وأما قوله : وليس في الأبنية الخ ؛ فقد وجد فيها فعلال بالفتح من غير المضاعف، قالوا : ناقة بها خزعان بفتح الخاء وليس بمضاعف.
﴿ وأخرجت الأرض أثقالها ﴾ : جعل ما في بطنها أثقالاً.
وقال النقاش والزجاج والقاضي منذر بن سعيد : أثقالها : كنوزها وموتاها.
ورد بأن الكنوز إنما تخرج وقت الدجال، لا يوم القيامة، وقائل ذلك يقول : هو الزلزال يكون في الدنيا، وهو من أشراط الساعة، وزلزال : يوم القيامة، كقوله :﴿ يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ﴾ فلا يرد عليه بذلك، إذ قد أخذ الزلزال عاماً باعتبار وقتيه.
ففي الأول أخرجت كنوزها، وفي الثاني أخرجت موتاها، وصدقت أنها زلزلت زلزالها وأخرجت أثقالها.
وقيل أثقالها كنوزها ومنه قوله " تلقى الأرض أفلاذ كبدها " أمثال الأسطوان من الذهب والفضة.