وقال الشيخ الشنقيطى :
سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)
الزلزلة : الحركة الشديدة بسرعة، ويدل لذلك فقه اللغة من وجهين :
الأول : تكرار الخوف، أو ما يقال تكرار المقطع الواحد، مثل صلصل وقلقل وزقزق، فهذا التكرار يدل على الحركة.
والثاني : وزن فعَّل بالتضعيف كغلّق وكسّر وفتح، فقد اجتمع في هذه الكلمة تكرار المقطع وتضعيف الوزن.
ولذا، فإن الزلزال أشد ما شهد العالم من حركة، وقد شوهدت حركات زلزال في أقل من ربع الثانية، فدمر مدناً وحطم قصوراً. ولذا فقد جاء وصف هذا الزلزال بكونه شيئاً عظيماً في قوله تعالى :﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [ الحج : ١ ]، ويدل على هذه الشدة تكرار الكلمة في زلزلت وفي زلزلها، كما تشعر به هذه الإضافة.
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، إيراد النصوص المبينة لذلك في أول سورة الحج كقوله تعالى :﴿ وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [ الحاقة : ١٤ ]، وقوله :﴿ إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً ﴾ [ الواقعة : ٤-٥ ]، وقوله :﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة تَتْبَعُهَا الرادفة ﴾ [ النازعات : ٦-٧ ]، وساق قوله :﴿ وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٢ ].
واختلف في الأثقال ما هي على ثلاثة أقوال :
فقيل : موتاها. وقيل : كنوزها، وقيل : التحدث بما عمل عليها الإنسان. ولعل الأول أرجح هذه الثلاثة، لأن إخراج كنوزها سيكون قبل النفخة، والتحدث بالأعمال منصوص عليه بذاته، فبس هو الأثقال. ورجحوا القول الأول لقوله تعالى :﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً أَحْيَآءً وَأَمْواتاً ﴾ [ المرسلات : ٢٥- ٢٦ ].
وقالوا : الإنس والجن ثقلان على ظهرها، فهما ثقل عليها، وفي بطنها فهم ثقل فيها، ولذا سميا بالثقلين. قال الفخر الرازي وابن جرير.
وروي عن ابن عباس : أنه موتاها.


الصفحة التالية
Icon