ثم قال الزمخشريُّ :" ويجوزُ أَنْ يكونَ " بأنَّ ربَّك " بدلاً مِنْ " أخبارَها " كأنه قيل : يومئذٍ تُحَدِّثُ بأخبارِها بأنَّ ربَّك أوحى لها ؛ لأنَّك تقول : حَدَّثْتُه كذا، وحَدَّثْتُه بكذا " قال الشيخ :" وإذا كان الفعلُ يتعدَّى تارةً بحرفِ جرٍّ، وتارةً يتعدى بنفسِه، وحرفُ الجرِّ ليس بزائدٍ، فلا يجوزُ في تابِعه إلاَّ الموافقةُ في الإِعرابِ فلا يجوز :" استغفَرْتُ الذنبَ العظيمِ " بنصبِ " الذنبَ " وجَرِّ " العظيم " لجواز أنَّك تقولُ " من الذنب "، ولا " اخْتَرْتُ زيداً الرجالَ الكرامِ " بنصبِ الرجالَ " وخَفْضِ الكرامِ "، وكذلك لا يجوزُ اَنْ تقولَ :" استغفرتُ من الذنبِ العظيمَ " بنصبِ " العظيمَ " وكذلك في " اخْتَرْتُ " فلو كان حرفُ الجر زائداً جاز الإِتباعُ على موضعِ الاسمِ بشروطهِ المحررةِ في علمِ النحوِ تقول :" ما رأيتُ مِنْ رجلٍ عاقلاً " لأنَّ " مِنْ " زائدةٌ، " ومِنْ رجل عاقلٍ " على اللفظِ، ولا يجوز نَصْبُ " رجل " وجَرُّ " عاقل " على جوازِ مراعاةِ دخولِ " مِنْ "، وإنْ وَرَدَ شيءٌ مِنْ ذلك فبابُه الشِّعْرُ " انتهى. ولا أَدْري كيف يُلْزِمُ الزمخشريَّ ما أَلْزَمَه به من جميعِ ِالمسائلِ التي ذكَرَها، فإنَّ الزمخشريِّ يقول : إنَّ هذا بدلٌ مِمَّا قبلَه، ثم ذَكَرَ مُسَوِّغَ دخولِ الباءِ في البدلِ : وهو أنَّ المُبْدَلَ منه يجوزُ دخولُ الباءِ عليه، فلو حَلَّ البدلُ مَحَلَّ المبدلِ منه ومعه الباءُ، لكان جائزاً ؛ لأنَّ العاملَ يتعَدَّى به، وذَكَرَ مُسَوِّغاً لخُلُوِّ المبدلِ منه من الباءِ فقال :" لأنَّك تقول : حَدَّثْتُه كذا وحَدَّثْتُه بكذا " وأمَّا كَوْنُه يَمْتنعُ أَنْ تقولَ :" استغفَرتُ الذنبَ العظيمِ " بنَصْبِ " الذنبَ " وجرِّ " العظيمِ " إلى آخرِه، فليس في كلامِ الزمخشريِّ شيءٌ منه البتةَ.


الصفحة التالية
Icon