وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾
"يومئِذٍ" منصوب بقوله "إِذا زلزِلت".
وقيل : بقوله :"تُحَدِّثُ أَخْبارها" ؛ أي تخبر الأرضُ بما عُمِل عليها من خير أو شر يومئذٍ.
ثم قيل : هو من قول الله تعالى.
وقيل : مِن قول الإنسان ؛ أي يقول الإنسان مالها تحدّث أخبارها ؛ متعجباً.
وفي الترمذيّ عن أبي هريرة قال :" قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ قال :"أَتدرُون ما أخبارُها قالوا الله ورسوله أعلم، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أَمَة بما عَمِل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا، كذا وكذا" قال :"فَهَذِهِ أَخْبارُها" " قال : هذا حديث حسن صحيح.
قال الماورديّ، قوله ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ : فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها :﴿ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ بأعمال العباد على ظهرها ؛ قاله أبو هريرة، ورواه مرفوعاً.
وهو قول من زعم أنها زَلْزلة القيامة.
الثاني : تُحَدّث أخبارها بما أخرجت من أثقالها ؛ قاله يحيى بن سلام.
وهو قول من زعم أنها زَلزلة أشراط الساعة.
قلت : وفي هذا المعنى حديث رواه ابن مسعود عن رسول الله ﷺ أنه قال :" إذا كان أجلُ العبد بأرض أَوثَبَتْه الحاجة إليها، حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه الله، فتقول الأرض يوم القيامة : رَبِّ هذا ما استودعتني " أخرجه ابن ماجه في سُنَنه.
وقد تقدم.
الثالث : أنها تُحَدّث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لَها؟ قاله ابن مسعود.
فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى، وأمر الآخرة قد أتى.
فيكون ذلك منها جواباً لهم عند سؤالهم، ووعيداً للكافر، وإنذاراً للمؤمن.
وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الله تعالى يَقْلِبها حيواناً ناطقاً ؛ فتتكلم بذلك.
الثاني : أن الله تعالى يُحْدِث فيها الكلام.
الثالث : أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام.


الصفحة التالية
Icon