قال الطبريّ : تُبين أخبارها بالرجَّة والزلزلة وإخراج الموتى.
﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾ أي إنها تحدّث أخبارها بوحي الله "لها"، أي إليها.
والعربُ تضع لام الصفة موضع "إلى".
قال العجَّاج يصف الأرض :
وَحَى لَها القرَار فاستَقرّتِ...
وشَدَّها بالرّاسيات الثبَّتِ
وهذا قول أبي عبيدة :" أَوحى لها " أي إليها.
وقيل :" أوْحَى لها " أي أمرها ؛ قاله مجاهد.
وقال السدّي :"أَوْحَى لها" أي قال لها.
وقيل : سخرها.
وقيل : المعنى يوم تكون الزلزلة، وإخراج الأرض أثقالها، تحدث الأرض أخبارها ؛ ما كان عليها من الطاعات والمعاصي، وما عمل على ظهرها من خير وشر.
ورُوي ذلك عن الثوريّ وغيره.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً ﴾ أي فِرقاً ؛ جمع شَتَّ.
قيل : عن موقف الحساب ؛ فريق يأخذ جهة اليمين إلى الجنة، وفريق آخر يأخذ جهة الشمال إلى النار ؛ كما قال تعالى :
﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ﴾ [ الروم : ١٤ ] ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ﴾ [ الروم : ٤٣ ].
وقيل : يرجعون عن الحساب بعد فراغهم من الحساب.
﴿ أَشْتَاتاً ﴾ يعني فِرقاً فِرقاً.
﴿ لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ يعني ثواب أعمالهم.
وهذا كما رُوي عن النبيّ ﷺ أنه قال :" ما من أحدٍ يوم القيامة إلاّ وَيَلُومُ نفسه، فإن كان محسِناً فيقول : لم لا ازددت إحساناً؟ وإن كان غير ذلك يقول : لم لا نَزَعت عن المعاصي " ؟ وهذا عند معاينة الثواب والعقاب.
وكان ابن عباس يقول :"أشْتاتاً" متفرقين على قدر أعمالهم أهل الإيمان على حِدة، وأهل كل دين على حدة.
وقيل : هذا الصدور، إنما هو عند النشور ؛ يَصْدُرون أشتاتاً من القبور، فيصار بهم إلى موقف الحساب، ليرُوا أعمالَهم في كتبهم، أو لِيرُوا جزاء أعمالهم ؛ فكأنهم وردوا القبور فدفِنوا فيها، ثم صدروا عنها.
والوارد : الجائي.
والصادر : المنصرف.
﴿ أَشْتَاتاً ﴾ أي يبعثون من أقطار الأرض.