وعلى القول الأول فيه تقديم وتأخير ؛ مجازه : تحدّث أخبارها، بأن ربك أوحى لها، ليروا أعمالهم.
واعترض قوله :﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً ﴾ متفرقين عن موقف الحساب.
وقراءة العامة "لِيُرَوا" بضم الياء ؛ أي لِيريهَم الله أعمالهم.
وقرأ الحسن والزهريّ وقتادة والأعرج ونصر بن عاصم وطلحة بفتحها ؛ وروي ذلك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ كان ابن عباس يقول : مَن يعمل من الكفار مثقال ذرّة خيراً يَرَهُ في الدنيا، ولا يُثاب عليه في الآخرة، ومن يعمل مثقال ذرّة من شر عُوقب عليه في الآخرة، مع عقاب الشرك، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يَرَهُ في الدنيا، ولا يعاقَبْ عليه في الآخرة إذا مات، ويُتجاوز عنه، وإن عمل مثقال ذرّة من خير يُقْبلْ منه، ويضاعفْ له في الآخرة.
وفي بعض الحديث :" الذرّة لا زِنة لها " وهذا مَثَلٌ ضَرَبه الله تعالى : أنه لا يُغْفِل من عمل ابن آدم صغيرةً ولا كبيرة.
وهو مِثل قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [ النساء : ٤٠ ].
وقد تقدم الكلام هناك في الذرّ، وأنه لا وزن له.
وذكر بعض أهل اللغة أن الذرّ : أن يضرب الرجل بيده على الأرض، فما علِق بها من التراب فهو الذَّرّ، وكذا قال ابن عباس : إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها، فكل واحد مما لزق من التراب ذَرَّة.
وقال محمد بن كعب القُرَظِيّ : فمنْ يَعْمَل مِثقْالَ ذَرّة منْ خَيْر من كافر، يرى ثوابه في الدنيا، في نفسه وماله وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير.