ومن يعمل مثقال ذرّة من شرّ من مُوْمن، يرى عُقوبته في الدنيا، في نفسه وماله وولده وأهله، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شرّ.
دليله ما رواه العلماء الأثبات من حديث أنس : أن هذه الآية نزلت على النبيّ ﷺ وأبو بكر يأكل، فأمسك وقال : يا رسول الله، وإنا لنُرَى ما عَمِلْنا من خير وشرّ؟ قال :" ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذرّ الشرّ، ويُدَّخَر لكم مثاقيلُ ذَرّ الخير، حتى تُعْطَوْه يومَ القِيامة ".
قال أبو إدريس : إن مِصْداقه في كتاب الله :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ [ الشورى : ٣٠ ].
وقال مقاتل : نزلت في رجلين، وذلك أنه لما نزل ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ ﴾ [ الإنسان : ٨ ] كان أحدهم يأتيه السائل، فيستقل أن يعطِيه التمرة والكِسرة والجوزة.
وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير، كالكَذبة والغِيبة والنظْرة، ويقول : إنما أوعد الله النار على الكبائر ؛ فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يُعْطُوه ؛ فإنه يوشِك أن يكثُر، ويُحَذِّرهُمْ اليسيرَ من الذنب، فإنه يوشِك أن يكثُر ؛ وقاله سعيد بن جبير.
والإِثم الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعظم من الجبال، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء.
الثانية : قراءة العامة "يَرَهْ" بفتح الياء فيهما.
وقرأ الجَحْدَرِيّ والسُّلَمِيّ وعيسى ابن عمر وأبان عن عاصم :"يُرَهْ" بضم الياء ؛ أي يُريه اللَّهُ إياه.
والأَوْلَى الاختيار ؛ لقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ] الآية.
وسكن الهاء في قوله "يَرَه" في الموضعين هشام.
وكذلك رواه الكسائي عن أبي بكر وأبي حَيْوة والمغيرة.
واختلس يعقوب والزهري والجحدرِي وشيبة.
وأشبع الباقون.
وقيل "يَرَه" أي يرى جزاءه ؛ لأن ما عمله قد مضى وعُدم فلا يُرَى.
وأنشدوا :


الصفحة التالية
Icon