إنّ منْ يَعْتدِي ويَكْسِبُ إِثْما...
وَزْنَ مِثْقالِ ذرّة سَيَرَاهُ
ويُجَازَى بفعله الشرَّ شرا...
وبفعل الجميلِ أيضاً جَزَاهُ
هكذا قوله تبارك ربِّي...
في إذا زُلزلت وجَل ثَناه
الثالثة : قال ابن مسعود : هذه أحكم آية في القرآن ؛ وصَدّق.
وقد اتفق العلماء على عموم هذه الآية ؛ القائلون بالعموم ومن لَمْ يقل به.
وروى كعب الأحبار أنه قال : لقد أنزل الله على محمد آيتين أحْصَتَا ما في التوراة والإنجيل والزَّبور والصُّحُف :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾.
قال الشيخ أبو مَدْين في قوله تعالى :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ قال : في الحال قبل المآل.
وكان النبيّ ﷺ يسمي هذه الآية الآية الجامعة الفاذة ؛ كما في الصحيح لما سئل عن الحُمُر وسكت عن البغال، والجواب فيهما واحد ؛ لأن البغل والحمار لا كَرّ فيهما ولا فرّ ؛ فلما ذكر النبيّ ﷺ ما في الخيل من الأجر الدائم، والثواب المستمر، سأل السائل عن الحُمُر، لأنهم لم يكن عندهم يومئذٍ بَغْل، ولا دخل الحجاز منها إلا بغلة النبيّ ﷺ "الدُّلْدُل"، التي أهداها له المقوقِس، فأفتاه في الحَمِير بعموم الآية، وإن في الحمار مثاقيل ذرّ كثيرة ؛ قاله ابن العربيّ.
وفي الموطأ : أن مِسْكيناً استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عِنَب ؛ فقالت لإنسان : خذ حبة فأعطه إياها.
فجعل ينظر إليها ويعجب ؛ فقالت : أتعجب! كم ترى في هذه الحبَة من مثقال ذرّة.
وروي عن سعد بن أبي وَقَّاص : أنه تصدق بتمرتين، فقبض السائل يده، فقال للسائل : ويقبل الله منا مثاقيل الذرّ، وفي التمرتين مثاقيل ذرّ كثيرة.


الصفحة التالية
Icon