وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا ﴾
أي : إذا حركت حركة شديدة.
وجواب الشرط :﴿ تحدث ﴾، والمراد : تحركها عند قيام الساعة، فإنها تضطرب حتى يتكسر كلّ شيء عليها.
قال مجاهد : وهي النفخة الأولى لقوله تعالى :﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة * تَتْبَعُهَا الرادفة ﴾ [ النازعات : ٦، ٧ ] وذكر المصدر للتأكيد، ثم أضافه إلى الأرض، فهو مصدر مضاف إلى فاعله، والمعنى : زلزالها المخصوص الذي يستحقه، ويقتضيه جرمها وعظمها.
قرأ الجمهور :﴿ زلزالها ﴾ بكسر الزاي، وقرأ الجحدري، وعيسى بفتحها، وهما مصدران بمعنى.
وقيل : المكسور مصدر، والمفتوح اسم.
قال القرطبي : والزلزال بالفتح مصدر كالوسواس، والقلقال ﴿ وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا ﴾ أي : ما في جوفها من الأموات والدفائن، والأثقال جمع ثقل، قال أبو عبيدة، والأخفش : إذا كان الميت في بطن الأرض، فهو ثقل لها، وإذا كان فوقها، فهو ثقل عليها.
قال مجاهد : أثقالها موتاها تخرجهم في النفخة الثانية.
وقد قيل : للإنس والجنّ الثقلان، وإظهار الأرض في موضع الإضمار لزيادة التقرير.
﴿ وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا ﴾ أي : قال كل فرد من أفراد الإنسان ما لها زلزلت؟ لما يدهمه من أمرها، ويبهره من خطبها.
وقيل : المراد بالإنسان الكافر، وقوله :﴿ ما لها ﴾ مبتدأ وخبر، وفيه معنى التعجيب، أي : أيّ شيء لها، أو لأيّ شيء زلزلت وأخرجت أثقالها؟ وقوله :﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ بدل من " إذا "، والعامل فيهما قوله :﴿ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ ويجوز أن يكون العامل في إذا محذوفاً، والعامل في يومئذ تحدّث، والمعنى : يوم إذا زلزلت وأخرجت تخبر بأخبارها، وتحدّثهم بما عمل عليها من خير وشرّ، وذلك إما بلسان الحال حيث يدلّ على ذلك دلالة ظاهرة، أو بلسان المقال، بأن ينطقها الله سبحانه.


الصفحة التالية
Icon