وقيل هذا متصل بقوله :﴿ وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا ﴾ أي : قال ما لها ﴿ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ متعجباً من ذلك، وقال يحيى بن سلام : تحدّث أخبارها بما أخرجت من أثقالها.
وقيل : تحدّث بقيام الساعة، وأنها قد أتت، وأن الدنيا قد انقضت.
قال ابن جرير : تبين أخبارها بالرجفة والزلزلة، وإخراج الموتى، ومفعول تحدّث الأوّل محذوف، والثاني هو أخبارها، أي : تحدّث الخلق أخبارها.
﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾ متعلق ب ﴿ تحدّث ﴾، ويجوز أن يتعلق بنفس أخبارها.
وقيل : الباء زائدة، وأنّ وما في حيزها بدل من ﴿ أخبارها ﴾، وقيل : الباء سببية، أي : بسبب إيحاء الله إليها.
قال الفرّاء : تحدّث أخبارها بوحي الله وإذنه لها، واللام في ﴿ أوحى لها ﴾ بمعنى إلى وإنما أثرت على " إلى " لموافقة الفواصل، والعرب تضع لام الصفة موضع إلى.
كذا قال أبو عبيدة.
وقيل : إن ﴿ أوحى ﴾ يتعدّى باللام تارة، وبإلى أخرى.
وقيل : إن اللام على بابها من كونها للعلة.
والموحى إليه محذوف، وهو الملائكة، والتقدير : أوحى إلى الملائكة لأجل الأرض، أي : لأجل ما يفعلون فيها.
والأوّل أولى.
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً ﴾ الظرف إما بدل من ﴿ يومئذ ﴾ الذي قبله، وإما منصوب بمقدّر هو " اذكر "، وإما منصوب بما بعده، والمعنى : يوم إذ يقع ما ذكر يصدر الناس من قبورهم إلى موقف الحساب أشتاتاً، أي : متفرّقين، والصدر : الرجوع وهو ضدّ الورود.
وقيل : يصدرون من موضع الحساب إلى الجنة أو النار، وانتصاب ﴿ أشتاتاً ﴾ على الحال والمعنى : أن بعضهم آمن، وبعضهم خائف، وبعضهم بلون أهل الجنة، وهو البياض، وبعضهم بلون أهل النار وهو السواد، وبعضهم ينصرف إلى جهة اليمين، وبعضهم إلى جهة الشمال، مع تفرّقهم في الأديان، واختلافهم في الأعمال.