﴿ لّيُرَوْاْ أعمالهم ﴾ متعلق ب ﴿ يصدر ﴾، وقيل : فيه تقديم وتأخير، أي : تحدّث أخبارها بأن ربك أوحى لها ؛ ليروا أعمالهم ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً ﴾.
قرأ الجمهور :﴿ ليروا ﴾ مبنياً للمفعول.
وهو من رؤية البصر، أي : ليريهم الله أعمالهم.
وقرأ الحسن، والأعرج، وقتادة، وحماد بن سلمة، ونصر بن عاصم، وطلحة بن مصرف على البناء للفاعل، ورويت هذه القراءة عن نافع، والمعنى : ليروا جزاء أعمالهم.
﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ أي : وزن نملة.
وهي أصغر ما يكون من النمل.
قال مقاتل : فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرّة خيراً يره يوم القيامة في كتابه، فيفرح به.
وكذلك ﴿ الجن مَن يَعْمَلُ ﴾ في الدنيا ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ يوم القيامة فيسوؤه.
ومثل هذه الآية قوله :﴿ إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [ النساء : ٤٠ ].
وقال بعض أهل اللغة : إن الذرّة هو أن يضرب الرجل بيده على الأرض، فما علق من التراب، فهو الذرّة.
وقيل : الذرّ ما يرى في شعاع الشمس من الهباء، والأوّل أولى.
ومنه قول امرىء القيس :
من القاصرات الطرف لو دبّ محول... من الذرّ فوق الإتب منها لأثرا
و"من" الأولى عبارة عن السعداء، و "من" الثانية عبارة عن الأشقياء.
وقال محمد بن كعب : فمن يعمل مثقال ذرّة من خير من كافر يرى ثوابه في الدنيا، وفي نفسه، وماله، وأهله، وولده حتى يخرج من الدنيا، وليس له عند الله خير، ومن يعمل مثقال ذرّة من شرّ من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في ماله، ونفسه، وأهله، وولده حتى يخرج من الدنيا، وليس له عند الله شرّ، والأوّل أولى.
قال مقاتل : نزلت في رجلين كان أحدهما يأتيه السائل، فيستقلّ أن يعطيه التمرة والكسرة، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير، ويقول : إنما أوعد الله النار على الكافرين.