﴿ وَحُصّلَ مَا فِى الصدور ﴾ أي جمع ما في القلوب من العزائم المصممة وأظهر كإظهار اللب من القشر وجمعه أو ميز خيره من شره فقد استعمل حصل الشيء بمعنى ميزه من غيره كما في البحر وأصل التحصيل إخراج اللب من القشر كإخراج الذهب من حجر المعدن والبر من التبن وتخصيص ما في القلوب لأنه الأصل لأعمال الجوارح ولذا كانت الأعمال بالنيات وكان أول الفكر آخر العمل فجميع ما عمل تابع له فيدل على الجميع صريحاً وكناية وقرأ ابن يعمر ونصر بن عاصم ومحمد بن أبي معدان وحصل مبنياً للفاعل وهو ضميره عز وجل وقرأ ابن يعمر ونصر أيضاً حصل مبنياً للفاعل خفيف الصاد فما عليه هو الفاعل.
﴿ إِنَّ رَبَّهُم ﴾ أي المبعوثين كنى عنهم بعد الإحياء الثاني بضمير العقلاء بعدما عبر عنهم قبل ذلك بما بناء على تفاوتهم في الحالين ﴿ بِهِمُ ﴾ بذواتهم وصفاتهم وأحوالهم بتفاصيلها ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي يوم إذ يكون ما عد من بعث ما في القبور وتحصيل ما في الصدور والظرفان متعلقان بقوله تعالى :﴿ لَّخَبِيرٌ ﴾ أي عالم بظواهر ما عملوا وبواطنه علماً موجباً للجزاء متصلاً به كما يبنىء عنه تقييده بذلك اليوم وإلا فمطلق علمه عز وجل بما كان وما سيكون.
وقرأ أبو السماء والحجاج أن ربهم بهم يومئذ خبير بفتح همزة أن وإسقاط لام التأكيد فإن وما بعدها في تأويل مصدر معمول ليعلم على ما استظهره بعضهم وأيد به كون يعلم معلقة عن العلم في ﴿ إِنَّ رَبَّهُم ﴾ الخ على قراءة الجمهور لمكان اللام وإذا على هذا لا يجوز تعلقها بخبير أيضاً لكونه في صلة إن المصدرية فلا يتقدم معموله عليها ويعلم أمره مما تقدم وقيل الكلام على تقدير لام التعليل وهي متعلقة بحصل كأنه قيل وحصل ما في الصدور لأن ربهم بهم يومئذ خبير والأول أظهر والله تعالى أعلم وأخبر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon