وقال الثعلبى :
سورة العاديات
﴿ والعاديات ضَبْحاً ﴾
قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن والكلبي وأبو العالية والربيع وعطية وقتادة ومقاتل وابن كيسان : هي الخيل التي تعدو في سبيل اللّه وتضبح وهو صوت أنفاسها إذا أجهدت في الجري فيكثر الربو في أجوافها من شدة العدو، قال ابن عباس : ليس شيء من الدواب يضج غير الفرس والكلب والثعلب.
قال أهل اللغة : أصل الضبح والضباح للثعالب فاستُعير في الخيل، وهو من قول العرب : ضبحته النار إذا غيّرت لونه، وإنّما تضبح هذه الحيوانات إذا تغيّرت حالها من تعب أو فزع أو طمع، ونصب قوله :﴿ ضَبْحاً ﴾ على المصدر ومجازه : والعاديات تضبح ضبحاً قال الشاعر :

لستُ بالتُبِّع اليماني إن لم تضبح الخيل في سواد العراقِ
وقال آخر :
والعاديات أسابي الدماء بها كأن أعناقها أنصاب ترجيب
يعني الخيل.
قال مقاتل : بعث رسول اللّه ﷺ سرية إلى حي من كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمر الأنصاري أحد النقباء فتأخر خبرهم، وقال المنافقون : قتلوا جميعاً فأخبره اللّه سبحانه عنها فقال :﴿ والعاديات ضَبْحاً ﴾ يعني تلك الخيول غدت حتى ضبحت، وهو صوت ليس بصهيل ولا حمحمة، وقال الحكماء : هو تقلقل الجرذان في القُنب. وقيل : هو صوت إرخاء مشافرها إذا عدت، قال أبو الضحى : وكان ابن عباس يقول : ضباحها أُج أُج. وقال قوم : هي الإبل.
أنبأني عبد اللّه بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدّثنا مروان بن معاوية قال : حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله سبحانه :﴿ والعاديات ضَبْحاً ﴾ قال : ما رأى فيه عكرمة؟ فقال عكرمة : قال ابن عباس : هي الخيل في القتال، فقلت أنا :( قال علي : هي الإبل في الحجّ )، وقلت : مولاي أعلم من مولاك.


الصفحة التالية
Icon