وقال الشعبي تمارى علي بن عباس في قوله :﴿ والعاديات ضَبْحاً ﴾ فقال ابن عباس : هي الخيل، ألا تراه يقول :﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ﴾ فهل تُثير إلاّ بحوافرها، وهل تضبح الإبل؟ وإنما تضبح الخيل، فقال علي : ليس كما قلت لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلاّ فرس أبلق للمقداد بن الأسود. وفي رواية أُخرى وفرسٌ لمرثد بن أبي مرثد الغنوي.
وأخبرني عقيل بن أبي الفرج، أخبرهم عن أبي جرير قال : حدّثني يونس قال : أخبرنا بن وهب قال : حدّثنا أبو صخر عن أبي لهيعة البجلي عن سعيد بن حسين عن ابن عباس حدّثه قال : بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحاً، فقال له : الخيل حين تغير في سبيل اللّه ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم، فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم وسأله عن العاديات ضبحاً فقال :" سألت عنها أحداً قبلي ".
قال : نعم، سألت عنها ابن عباس وقال : هي الخيل تغير في سبيل اللّه قال :" اذهب فادعه لي "، فلمّا وقف على رأسه قال :" تفتي الناس بما لا علم لك به، واللّه إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلاّ فَرَسان : فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف تكون العاديات الخيل، بل العاديات ضبحاً الإبل من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى مِنى ".
قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي، وإلى قول علي ذهب ابن مسعود ومحمد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي.
وقال بعضهم : من قال : هي الإبل قال ضبحاً يعني ضبعاً بمدّ أعناقها في السير وضبحت وضبعت بمعنى واحد، قالت صفية بنت عبد المطّلب :

فلا والعاديات غداة جمع بأيديها إذا سطع الغبار
﴿ فالموريات قَدْحاً ﴾ قال عكرمة وعطاء والضّحاك : هي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت في الحجارة والأرض المحصبة.
وقال مقاتل والكلبي : والعرب تُسمي تلك النار نار أبي حباحب.


الصفحة التالية
Icon