وكان أبي حباحب شيخاً من مُضر في الجاهلية وكان من أبخل الناس، وكان لا يوقد ناراً لخبز ولا غيره حتى تنام كل ذي عين، فإذا نام أصحابه وقَدَ نويرة تقد مرّة وتخمد مرّة، فإذا استيقظ بها أحد أطفأها كراهية أن ينتفع بها أحد، فشبّهت العرب هذه النار بناره، أي لا ينتفع به كما لا يُنتفعُ بنار أبي حباحب.
ومجاز الآية : والقادحات قدحاً فخالف بين الصدر والمصدر. وقال قتادة : هي الخيل تهيج للحرب ونار العداوة بين أصحابها وفرسانها.
وروى سعيد بن حسن عن ابن عباس قال : هي الخيل تغير في سبيل اللّه ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم.
مجاهد وزيد بن أسلم : هي مكر الرجل والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر لصاحبه قال : أما واللّه لأقدحنّ لك ثم لأُورينَّ لك.
سعيد بن جُبير : يعني رجال الحرب. عكرمة : هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلّم به.
ابن جريج عن بعضهم : فالمنجّحات عملا كنجاح الوتد إذا أُوريَّ. محمد بن كعب : هي النيران بجمع.
﴿ فالمغيرات صُبْحاً ﴾ يعني الخيل، تغير بفرسانها على العدو وقت الصبح، هذا قول أكثر المفسّرين.
قال القرظي : هي الأبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى، والسنّة أن لا يدفع حتى يصبح، والإغارة سرعة السير، ومنه قولهم : أشرق ثبير كما نغير.
﴿ فَأَثَرْنَ ﴾ فيهيَّجنَ. وقرأ أبو حيوة فأثرن بالتشديد من التأثير به أي بذلك المكان الذي انتهين إليه كناية عن غير مذكور ؛ لأن المعنى مفهوم مشهور.
﴿ نَقْعاً ﴾ أي غباراً ﴿ فَوَسَطْنَ بِهِ ﴾ أي دخلن به وسطهم يقال : وسطت القوم، بالتخفيف، ووسطّتهم بالتشديد، وتوسطتهم كلّها بمعنى واحد، وقرأ قتادة فوسّطن، بالتشديد ﴿ جَمْعاً ﴾ أي جمع العدو وهم الكتيبة، وقال القرظي : يعني جمع منى.


الصفحة التالية
Icon