وقال ابن الجوزى :
﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) ﴾
قوله تعالى :﴿ والعاديات ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنها الإبل في الحج، قاله علي، وابن مسعود، وعبيد بن عمير، والقرظي، والسدي.
وروي عن علي أنه قال : و "العاديات ضبحاً" من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى، وروي عن علي أنه قال هذا في صفة وقعة بدر.
قال : وما كان معنا يومئذ إلا فرس.
وفي بعض الحديث أنه كان معهم فرسان.
والثاني : أنها الخيل في سبيل الله، قاله ابن عباس، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وأبو العالية، وعكرمة، وقتادة، وعطية، والربيع، واللغويون.
وكان ابن عباس يذهب إلى أن هذا كان في سريَّة، فروى عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ بعث خيلاً، فلم يأته خبرها شهراً، فنزلت "والعاديات ضبحاً" ضبحت بمناخرها ﴿ فالموريات قدحاً ﴾ قدحت بحوافرها الحجارة فأورت ناراً ﴿ فالمغيرات صبحاً ﴾ صبحت القوم بغارة ﴿ فأثرن به نقعاً ﴾ أثارت بحوافرها التراب ﴿ فوسطن به جمعاً ﴾ قال : صبحت الحي جميعاً.
وقال مقاتل : بعث رسول الله ﷺ سريَّة إلى حَيَّيْن من كنانة واستعمل عليها المنذر بن عمرو الأنصاري، فأبطأ عنه خبرها، فجعل اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلاً من أصحاب رسول الله ﷺ تناجَوْا، فيظن الرجل أنه قد قُتِلَ أخوه أو أبوه، أو عمه، فيجد من ذلك حزناً، فنزلت "والعاديات ضبحاً" فأخبر الله كيف فعل بهم.
قال الفراء : الضبح : أصوات أنفاس الخيل إذا عَدَوْنَ.
وقال ابن قتيبة : الضبح : صوت حلوقها إذا عَدَتْ.
وقال الزجاج : ضبحها : صوت أجوافها إذا عَدَتْ.
قوله تعالى :﴿ فالموريات قَدْحاً ﴾ فيه خمسة أقوال.
أحدها : أنها الخيل تُوري النار بحوافرها إذا جرت، وهذا قول الجمهور.
قال الزجاج : إذا عدت الخيل بالليل، فأصابت بحوافرها الحجارة، انقدحت منها النيران.


الصفحة التالية
Icon