وقال أبو حيان :
سورة الْعَادِيَاتِ
﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) ﴾
والجمهور من أهل التفسير واللغة على أن العاديات هنا الخيل، تعدو في سبيل الله وتضبح حالة عدوها، وقال عنترة :
والخيل تكدح حين تضبح...
في حياض الموت ضبحا
وقال أبو عبد الله وعلي وإبراهيم والسدي ومحمد بن كعب وعبيد بن عمير : العاديات : الإبل.
أقسم بها حين تعدو من عرفة ومن المزدلفة إذا دفع الحاج.
وبأهل غزوة بدر لم يكن فيها غير فرسين، فرس للزبير وفرس للمقداد، وبهذا حج عليّ رضي الله عنه ابن عباس حين تماريا، فرجع ابن عباس إلى قول علي رضي الله تعالى عنهما.
وقالت صفية بنت عبد المطلب :
فلا والعاديات غداة جمع...
بأيديها إذا سطع الغبار
وانتصب ضبحاً على إضمار فعل، أي يضبحن ضبحاً ؛ أو على أنه في موضع الحال، أي ضابحات ؛ أو على المصدر على قول أبي عبيدة أن معناه العدو الشديد، فهو منصوب بالعاديات.
وقال الزمخشري : أو بالعاديات كأنه قيل : والضابحات، لأن الضبح يكون مع العدو، انتهى.
وإذا كان الضبح مع العدو، فلا يكون معنى ﴿ والعاديات ﴾ معنى الضابحات، فلا ينبغي أن يفسر به.
﴿ فالموريات قدحاً ﴾، والإيراء : إخراج النار، أي تقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير منها النار لصك بعض الحجارة بعضاً.
ويقال : قدح فأورى، وقدح فأصلد.
وتسمى تلك النار التي تقدحها الحوافر من الخيل أو الإبل : نار الحباحب.
قال الشاعر :
تقدّ السلو في المضاعف نسجه...
وتوقد بالصفاح نار الحباحب
وقيل :﴿ فالموريات قدحاً ﴾ مجاز، أو استعارة في الخيل تشعل الحرب، قاله قتادة.
وقال تعالى :﴿ كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ﴾ ويقال : حمي الوطيس إذا اشتدّ الحرب.
وقال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم : الموريات : الجماعة التي تمكر في الحرب، والعرب تقوله إذا أرادت المكر بالرجل : والله لا يكون ذلك، ولأورين لك.
وعن ابن عباس أيضاً : التي توري نارها بالليل لحاجتها وطعامها.


الصفحة التالية
Icon