وعنه أيضاً : جماعة الغزاة تكثر النار إرهاباً.
وقال عكرمة : ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به، وتظهر من الحجج والدلائل، وإظهار الحق وإبطال الباطل.
﴿ فالمغيرات صبحاً ﴾ : أي تغير على العدو في الصبح، ومن قال هي الإبل، قال العرب تقول : أغار إذا عدى جرياً، أي من مزدلفة إلى منى، أو في بدر ؛ وفي هذا دليل على أن هذه الأوصاف لذات واحدة، لعطفها بالفاء التي تقتضي التعقيب.
والظاهر أنها الخيل التي يجاهد عليها العدو من الكفار، ولا يستدل على أنها الإبل بوقعة بدر، وإن لم يكن فيها إلا فرسان، لأنه لم يذكر أن سبب نزول هذه السورة هو وقعة بدر، ثم بعد ذلك لا يكاد يوجد أن الإبل جوهد عليها في سبيل الله، بل المعلوم أنه لا يجاهد في سبيل الله تعالى إلا على الخيل في شرق البلاد وغربها.
﴿ فأثرن ﴾ : معطوف على اسم الفاعل الذي هو صلة أل، لأنه في معنى الفعل، إذ تقديره : فاللاتي عدون فأغرن فأثرن.
وقال الزمخشري : معطوف على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه، انتهى.
وتقول أصحابنا : هو معطوف على الاسم، لأنه في معنى الفعل.
وقرأ الجمهور :﴿ فأثرن ﴾، ﴿ فوسطن ﴾، بتخفيف الثاء والسين ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة : بشدّهما ؛ وعليّ وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى : بشدّ السين.
وقال الزمخشري : وقرأ أبو حيوة : فأثرن بالتشديد، بمعنى : فأظهرن به غباراً، لأن التأثير فيه معنى الإظهار، أو قلب ثورن إلى وثرن، وقلب الواو همزة.
وقرىء : فوسطن بالتشديد للتعدية، والباء مزيدة للتوكيد، كقوله :﴿ فأتوا به ﴾ وهي مبالغة في وسطن، انتهى.
أما قوله : أو قلب، فتمحل بارد.
وأما أن التشديد للتعدية، فقد نقلوا أن وسط مخففاً ومثقلاً بمعنى واحد، وأنهما لغتان، والضمير في به عائد في الأول على الصبح، أي هيجن في ذلك الوقت غباراً، وفي به الثاني على الصبح.
قيل : أو على النقع، أي وسطن النقع الجمع، فيكون وسطه بمعنى توسطه.