﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٦٠ ]، وفيما ورد من الأحاديث التي لا تكاد تحصر ما يحمل كل فرد من رجال المسلمين على أن يكون في مقدمة فرسان الأرض مهارة في ركوب الخيل، ويبعث القادرين منهم على قنية الخيل على التنافس في عقائلها، وأن يكون فن السباق عندهم يسبق بقية الفنون إتقاناً. أفليس أعجب العجب أن ترى أمماً، هذا كتابها، قد أهملت شأن الخيل والفروسية، إلى أن صار يشار إلى راكبها بينهم بالهزؤ والسخرية ؟ وأخذت كرام الخيل تهجر بلادهم إلى بلاد أخرى.
ثم قال : يقسم الله بالخيل صاحبة تلك الصفات التي رفع ذكرها، ليؤكد الخبر الذي جاء في قوله :
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴾
أي : كفور يكفر نعمه ولا يشكرها، أي : لا يستعملها فيما ينبغي ليتوصل بها إليه.
قال الهايميّ : أي : لكفور، فيوجب قتله بهذه الخيول وقهره بهذا الغضب. وعن أبي أمامة : الكنود الذي يأكل وحده، ويضرب عبده، ويمنع رفده.
﴿ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾ أي : وإن الْإِنْسَاْن على كنوده لشهيد يشهد على نفسه به، لظهور أثره عليه. فالشهادة مستعارة لظهور آثار كفرانه وعصيانه بلسان حاله.
قال القاشاني : لشهادة عقله ونور فطرته إنه لا يقوم بحقوق نعم الله، ويقصر في جنب الله بكفرانه.
﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ أي : وإنه لحب المال والدنيا وإيثارها لقويّ، ولحب تقوى الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس، وإنهُ لحب الخير الموصل إلى الحق شديد منقبض، غير هش منبسط. أو اللام للتعليل، أي : إنه لأجل حب المال بخيل، فلذلك يحتجب به غارزاً رأسه في تحصيله وحفظه وجمعه ومنعه، مشغولاً به عن الحق، معرضاً به عن جنابه.
﴿ أَفَلَا يَعْلَمُ ﴾


الصفحة التالية
Icon