وعن ذي النون : الهلوع والكنود : هو الذي إذا مسه الشر جزوعاً، وإذا مسه الخير منوعاً.
وقيل : الحسود الحقود.
ثم قال القرطبي رحمه الله في آخر البحث :
قلت : هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود.
وقد فسر النَّبي ﷺ معنى الكنود بخصال مذمومة، وأحوال غير محمودة، فإن صح فهو أعلى ما يقال، ولا يبقى لأحد معه مقال. اه.
وهكذا كما قال : إن صح الأثر فلا قول لأحد، ولكن كل هذه الصفات من باب اختلاف التنوع، لأنها داخلة ضمن معنى الجحود للحق أو للنعم.
وقد استدل ذو النون المصري بالآية الكريمة، وهي مفسرة للكنود على المعاني المتقدمة بأنه هو الهلوع ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً ﴾ [ المعارج : ٢٠-٢١ ].
ومثلها قوله :﴿ فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ ﴾ [ الفجر : ١٥-١٦ ].
وقد عقب عليه هناك بمثل ما عقب عليه هنا.
ومثلها قوله :﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم وَلاَ تَحَاضُّونَ على طَعَامِ المسكين وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ المال حُبّاً جَمّاً ﴾ [ الفجر : ١٧-٢٠ ].
وهنا عقب عليه بقوله :﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ ﴾ [ العاديات : ٨ ]، والله تعالى أعلم.
وقوله : إن الإنسان عام في كل إنسان، ومعلوم أن بعض الإنسان ليس كذلك، كما قال تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى وَصَدَّقَ بالحسنى ﴾ [ الليل : ٥-٦ ]، مما يدل على أنه من العام المخصوص.
وأن هذه الصفات من طبيعة الإنسان إلا ما هذبه الشرع، كما قال تعالى :
﴿ وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح ﴾ [ النساء : ١٢٨ ].
وقوله :﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون ﴾ [ الحشر : ٩ ].
ونص الشيخ في إملائه أن المراد به الكافر.


الصفحة التالية
Icon