قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ على ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴾.
اختلف في مرجع الضمير في : وإنه، فقيل : راجع للإنسان، ورجحه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب، مستدلاً بقوله تعالى بعده ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ ﴾ [ العاديات : ٨ ].
وقيل : راجع إلى رب الإنسان.
واختار هذا القرطبي وقدمه.
وجميع المفسرين يذكرون الخلاف، وقد عرفت الراجح منها، وعليه، فعلى أنه راجع لرب الإنسان فلا إشكال في هذه الآية، وعلى أنه راجع للإنسان ففيه إشكال أورده الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الإضطراب وأجاب عليه.
وهو أنه جاءت نصوص تدل على أنه ينكر ذلك، وأنه كان يجب أن يحسن صنعاً، ونحو ذلك.
ومن الجواب عليه : أن شهادته بلسان الحال.
وقد أورد بعض المفسرين شهادتهم بلسان المقال في قوله تعالى :﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ على أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ﴾ [ التوبة : ١٧ ]، إلا أن هذه الشهادة بالكفر هي الشرك. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ ﴾.
الخير عام، كما تقدم في قوله تعالى :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة : ٧ ].
ولكنه هنا خاص بالمال، فهو من العام الذي أريد به لخاص من قصر العام على بعض أفراده، لأن المال فرد من أفراد الخير، كقوله تعالى :﴿ إِن تَرَكَ خَيْراً ﴾ [ البقرة : ١٨٠ ]، أي مالاً، لأن عمل الخير يصحبه معه ولا يتركه.
وفي معنى هذا وجهان : الأول وإنه لحب الخير أي بسبب حبه الخير لشديد بخيل، شديد البخل.
كما قيل :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي... عقيلة مال الفاحش المتشدد
أي شديد البخل على هذه الرواية من هذا البيت.
والوجه الثاني : وإنه لشديد حب المال حباً جماً سيحمله حبه على البخل.