الرابع : أنَّه منصوبٌ بالعادِيات، وإنْ كان المرادُ به الصوتَ. قال الزمخشري :" كأنَّه قيل : والضَّابحاتِ لأنَّ الضَّبْحَ يكون مع العَدْوِ ". قال الشيخ :" وإذا كان الضَّبْحُ مع العَدْوِ فلا يكون معنى " والعادياتِ " : والضَّابحاتِ فلا ينبغي أن يُفَسَّرَ به ". قلت : لم يَقُلْ الزمشخريُّ أنه بمعناه، وإنما جعله منصوباً به ؛ لأنه لازمٌ له لا يُفارِقُه فكأنَّه ملفوظٌ به. وقوله :" كأنه قيل " تفسيرٌ للتلازُمِ، لا أنه هو هو.
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢)
قوله :﴿ قَدْحاً ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً مؤكِّداً ؛ لأنَّ الإِيراء من القَدْح يقال : قَدَحَ فَأَوْرَى وقَدَح فأَصْلَدَ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً فالمعنى : قادحاتٍ، أي : صاكَّاتٍ بحوافِرها ما يُوْرِي النارَ يُقال :" قَدَحْتُ الحجرَ بالحجرِ " أي : صَكَكْتُه به. وقال الزمخشري :" انتصَبَ بما انتصَبَ به ضَبْحاً ". وكان جَوَّزَ في نَصْبِه ثلاثةَ أوجهٍ : النصبَ بإضمارِ فعلٍ، والنصبَ باسمِ الفاعلِ قبلَه، لأنه مُلازِمُه، والنصبَ على الحال. وتُسَمَى تلك النارُ التي تَخْرُج من الحوافرِ نارَ الحُباحِب. قال :

٤٦١٩ تَقُدُّ السُّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُهُ وتُوْقِدُ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣)
قوله :﴿ فالمغيرات صُبْحاً ﴾ : صُبْحاً : ظرفٌ، أي : التي تُغير وقتَ الصبح يقال : أغارَ يُغير إغارةً باغَتَ عَدُوَّه لنَهْبٍ أو قَتْلٍ أو أَسْرٍ قال :
٤٦٢٠ فلَيْتَ لي بهمُ قوماً إذا رَكِبوا شَنُّوا الإِغارةَ فُرْساناً ورُكْبانا
و" غار " لُغَيَّةٌ، وأغار وغارَ أيضاً : نَزَل الغَوْرَ وهو المُنْهَبَطُ من الأرض. واختلف الناسُ في موصوفاتِ هذه الصفاتِ أعني العاديات وما بعدها فقيل : الخيلُ، أي والخيلِ العادياتِ، فالمُورياتِ، فالمُغيراتِ. ونظيرُ العطفِ هنا كالعطفِ في قولِه :


الصفحة التالية
Icon