وقرأ علي وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى بتشديد السين، وهما لغتان بمعنىً واحدٍ أعني التثقيلَ والتخفيفَ. وقال الزمخشري :" التشديدُ للتعديةِ والباءُ مزيدةٌ للتأكيدِ كقوله :﴿ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ﴾ [ البقرة : ٢٥ ] وهي مبالَغَةٌ في " وَسَطْن " انتهى. وقولُه :" وهي مبالَغَةٌ " يناقِضُ قولَه أولاً " للتعدية " ؛ لأن التشديدَ للمبالغة لا يُكْسِبُ الفعلَ مفعولاً آخر تقول :" ذَبَحْتُ الغنم " مخففاً ثم تبالِغُ فتقول :" ذَبَّحْتها " مثقلاً، وهذا على رأيِه قد جَعَله متعدياً بنفسِه بدليلِ جَعْلِه الباءِ مزيدةً فلا يكون للمبالغة.
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)
قوله :﴿ إِنَّ الإنسان ﴾ : هذا هو المُقْسَم عليه و " لرَبَّه " متعلِّقٌ بالخبرِ، وقُدِّمَ للفواصلِ. والكَنُوْدُ : الجَحُوْد. وقيل : الكَفورُ النعمةِ وأُنْشِد :
٤٦٢٨ كَنُوْدٌ لِنَعْماءِ الرجالِ ومَنْ يَكُنْ | كَنُوْداً لِنَعْماءِ الرجالِ يُبَعَّدِ |
وعن ابن عباس : هو بلسانِ كِنْدَةَ وحَضْرَمَوْتَ العاصي، وبلسان ربيعةَ ومُضَرَ الكَفورُ، وبلسانِ كِنانةَ البخيل. وأنشد أبو زيد :
٤٦٢٩ إنْ تَفْتْني فلم أَطِبْ عنك نَفْساً | غيرَ أنِّي أمنى بدَيْنٍ كَنُودِ |
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)
قوله :
﴿ لِحُبِّ ﴾ : اللامُ متعلِّقَةٌ ب " شديدٌ " وفيه وجهان، أحدهما : أنها المعدِّيةُ. والمعنى : وإنَّه لقَويٌّ مُطيقٌ لِحُبِّ الخير يقال : هو شديدٌ لهذا الأمرِ، أي : مُطيقٌ له والثاني : أنها للعلةِ، أي : وإنَّه لأجلِ حبِّ المالِ لَبخيلٌ. وقيل : اللامُ بمعنى " على ". ولا حاجةَ إليه، وقد يُعَبَّرُ بالشديدِ والمتشدِّدِ عن البخيل قال :
٤٦٣٠ [ أرى ] الموتَ يَعْتامُ الكرامَ ويَصْطَفي | عَقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشدِّدِ |