الثاني : من الأمور التي أقسم الله عليها قوله :﴿وَإِنَّهُ على ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ وفيه قولان : أحدهما : أن الإنسان على ذلك أي على كنوده لشهيد يشهد على نفسه بذلك، أما لأنه أمر ظاهر لا يمكنه أن يجحده، أو لأنه يشهد على نفسه بذلك في الآخرة ويعترف بذنوبه القول الثاني : المراد وإن الله على ذلك لشهيد قالوا : وهذا أولى لأن الضمير عائد إلى أقرب المذكورات والأقرب ههنا هو لفظ الرب تعالى ويكون ذلك كالوعيد والزجر له عين المعاصي من حيث إنه يحصى عليه أعماله، وأما الناصرون للقول الأول فقالوا : إن قوله بعد ذلك :﴿وَإِنَّهُ لِحُبّ الخير لَشَدِيدٌ﴾ الضمير فيه عائد إلى الإنسان، فيجب أن يكون الضمير في الآية التي قبله عائداً إلى الإنسان ليكون النظم أحسن.
الأمر الثالث : مما أقسم الله عليه قوله :﴿وَإِنَّهُ لِحُبّ الخير لَشَدِيدٌ﴾ الخير المال من قوله تعالى :﴿إِن تَرَكَ خَيْرًا﴾ [ البقرة : ١٨٠ ] وقوله :﴿وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾ [ المعارج : ٢١ ] وهذا لأن الناس يعدون المال فيما بينهم خيراً كما أنه تعالى سمى ما ينال المجاهد من الجراح وأذى الحرب سوءاً في قوله :﴿لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء﴾ [ آل عمران : ١٧٤ ] والشديد البخيل الممسك، يقال : فلان شديدة ومتشدد، قال طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي.. عقيلة مال الفاحش المتشدد


الصفحة التالية
Icon