والظاهر في الآية، أن القسم بالخيل أو بالإبل أو بهما، قوله تعالى ﴿ فالموريات قدحاً ﴾ قال علي بن أبي طالب وابن مسعود : هي الإبل، وذلك أنها في عدوها ترجم الحصى بالحصى فيتطاير منه النار فذلك القدح. قال ابن عباس : هي الخيل، وذلك بحوافرها في الحجارة وذلك معروف. وقال عكرمة :﴿ الموريات قدحاً ﴾ : هي الألسن، فهذا على الاستعارة أي ببيانها تقدح الحجج وتظهرها. وقال مجاهد :﴿ الموريات قدحاً ﴾، يريد به مكر الرجال، وقال قتادة :﴿ الموريات ﴾، الخيل تشعل الحرب، فهذا أيضاً على الاستعارة البينة، وقال ابن عباس أيضاً وجماعة من العلماء : الكلام عام يدخل في القسم كل من يظهر بقدحه ناراً، وذلك شائع في الأمم طول الدهر وهو نفع عظيم من الله تعالى، وقد وقف عليه في قوله تعالى :﴿ أفرأيتم النار التي تورون ﴾ [ الواقعة : ٧١ ] معناه : تظهرون بالقدح، قال عدي بن زيد :[ الخفيف ]
فقدحنا زناداً وورينا... فوق جرثومة من الأرض نار
وقوله تعالى :﴿ فالمغيرات صبحاً ﴾ قال علي وابن مسعود : هي الإبل من مزدلفة إلى منى أو في بدر، والعرب تقول : أغار إذا عدا جرياً ونحوه، وقال ابن عباس وجماعة كثيرة، هي الخيل واللفظة من الغارة في سبيل الله وغير ذلك من سير الأمم، وعرف الغارات أنها مع الصباح لأنها تسري ليلة الغارة والنقع : الغبار الساطع المثار، وقرأ أبو حيوة :" فأثّرن " بشد الثاء، والضمير في ﴿ به ﴾ ظاهر أنه للصبح المذكور، ويحتمل أن يكون للمكان والموضع الذي يقتضيه المعنى وإن كان لم يجر له ذكر، ولهذا أمثلة كثيرة، ومشهورة إثارة النقع هو للخيل ومنه قول الشاعر [ البسيط ]
يخرجن من مستطير النقع دامية... كأن آذانها أطراف أقلام