وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هو هنا الإبل تثير النقع بأخفافها، وقوله تعالى :﴿ فوسطن به جميعاً ﴾ قال ابن عباس وعلي : هي الإبل، و﴿ جمعاً ﴾ : هي المزدلفة، وقال ابن عباس : هي الخيل، والمراد جمع من الناس هم المغيرون، وقرأ علي بن أبي طالب وقتادة وابن أبي ليلى :" فوسّطن " بشد السين، وقال بشر بن أبي حازم :[ الكامل ]
فوسطن جمعهم وأفلت حاجب... تحت العجاجة في الغبار الأقتم
وذكر الطبري عن زيد بن أسلم : أنه كان يكره تفسير هذه الألفاظ، ويقول : هو قسم أقسم الله به، وجمهور الأمة وعلماؤها مفسرون لها كما ذكرنا، والقسم واقع على قوله :﴿ إن الإنسان لربه لكنود ﴾ وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال :" أتدرون ما الكنود؟ " قالوا لا يا رسول الله، قال :" هو الكفور الذي يأكل وحده ويمنع رفده، ويضرب عبده. " وقد يكون من المؤمنين الكفور بالنعمة، فتقدير الآية : إن الإنسان لنعمة ربه لكنود، وأرض كنود لا تنبت شيئاً، وقال الحسن بن أبي الحسن : الكنود اللائم لربه الذي يعد السيئات وينسى الحسنات، والكنود العاصي بلغة كندة، ويقال للخيل كنود، وقال أبو زبيد :[ الخفيف ]
إن تفتني فلم أطب بك نفساً... غير أني أمنى بدهر كنود
وقال الفضيل : الكنود الذي تنسيه سيئة واحدة حسنات كثيرة ويعامل الله على عقد عوض، وقوله تعالى :﴿ وإنه على ذلك لشهيد ﴾ يحتمل الضمير أن يعود على الله تعالى، وقاله قتادة : أي وربه شاهد عليه، وتفسير هذا الخبر يقتضي الشهادة بذلك، ويحتمل أن يعود على ﴿ الإنسان ﴾ أي أفعاله وأقواله وحاله المعلومة من هذه الأخلاق تشهد عليه، فهو شاهد على نفسه بذلك، وهذا قول الحسن ومجاهد، والضمير في قوله تعالى :﴿ وإنه لحب الخير ﴾ عائد على ﴿ الإنسان ﴾ لا غير، والمعنى من أجل حب الخير إنه ﴿ لشديد ﴾، أي بخيل بالمال ضابط له، ومنه قول الشاعر [ طرفة بن العبد ] :[ الطويل ]


الصفحة التالية
Icon