وأيضاً فإن كل حالة يذكر الحال الذي يناسبها، فالقارعة من القرع وهو الضرب، ناسب أن يذكر معها ما يهن قوى الإنسان إلى ضعف الفراش البثوث، ويفكك ترابط الجبال إلى هباء العهن المنفوش.
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤)
الفراش : جمع فراشة.
وقيل : هي التي تطير وتتهافت في النار.
وقيل : طير رقيق يقصد النار ولا يزال يقتحم على المصباح ونحوه حتى يحترق.
وذكر الشيخ في إملائه قول جرير :
إن الفرزدق ما علمت وقومه... مثل الفراش غشين نار المصطلى
وقال الفراء : هو غوغاء الجراد الذي ينتشر في الأرض ويركب بعضه بعضاً من الهول.
ونقل القرطبي عن الفراء : أنه الهمج الطائر من بعوض وغيره.
ومنه الجراد. ويقال : هو أطيش من فراشة قال :
طويش من نفر أطياش... أطيش منن طائرة الفراش
وفي صحيح مسلم عن جابر قال : قال رسول الله ﷺ :" مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذُبُّهن عنها. وأنا آخذ بِحُجزِكم عن النار وأنتم تفلِّتون من يدي ".
والمبثوث : المنتشر.
ومثله قوله :﴿ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ﴾ [ القمر : ٧ ].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيانه في " سورة اقتربت الساعة "، سورة ق والقرآن، وسورة يس والقرآن الحكيم. بما يغني عن إعادته هنا.
وقد قيل : إن وصفها بالفراش في أول حالها في الاضطراب والحيرة.
ووصفها كالجراد في الكثرة ووحدة الاتجاه ﴿ مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع يَقُولُ الكافرون هذا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [ القمر : ٨ ].
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعايه في سورة الواقعة بيان أحوال الجبال يوم القيامة من بدئها بكثيب مهيل، ثم كالعهن المنفوش، ثم تسير كالسراب.