وأحال فيها على غيرها، كقوله :﴿ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب ﴾ [ النمل : ٨٨ ].
وتقدمت الإشارة إلى ذلك في سورة سأل سائل.
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧)
في قوله :﴿ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾، دلالة على وقع الوزن لكل إنسان.
والموازين : يراد بها الموزون، ويراد بها آلة الوزن، كالمعايير، وهما متلازمان.
وتقدم أن المعايير بالذرة وأقل منها.
وقد جاء نصوص على وضع الموازين وإقانتها بالعدل والقسط.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك عند قوله تعالى :﴿ وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٤٧ ].
وقوله :﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾، قالوا : بمعنى مرضية، وراضية أصلها مرضية، كما في قوله :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ [ الغاشية : ٨-٩ ]، إسناد الرضى للعيشة، على أنها فاعلة الرضى، لأن كلمة العيشة جامعة لنعيم الجنة وأسباب النعيم، راضية طائعة لينة لأصحاب الجنة، فتفجر لهم الأنهار طواعية، وتدنو الثمار طواعية، كما في قوله :﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ [ الحاقة : ٢٣ ].
فالقول الأول : هو المعروف في البلاغة بإطلاق المحل وإرادة الحال، كقوله تعالى :﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴾ [ العلق : ١٧ ].
والنادي : مكان منتدى القوم، أي ينادي بعضهم بعضاً للاجتماع فيه.
والمراد : من يحل هذا النادي، ويكون هنا أطلق المحل وهو محل العيشة، وأراد الحال فيها.


الصفحة التالية
Icon