وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما قال الله سبحانه وتعالى :" أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور " كان ذلك مظنة لأن يسأل : متى ذلك؟ فقيل : يوم القيامة الهائل الأمر، الفظيع الحال، الشديد البأس، والقيامة هي القارعة، وكررت تعظيماً لأمرها كما ورد في قوله تعالى ﴿الحاقة ما الحاقة﴾ [ الحاقة : ١ - ٢ ] وفي قوله سبحانه :﴿فغشيهم من اليم ما غشيهم﴾ [ طه : ٧٨ ] ثم زاد عظيم هوله إيضاحاً بقوله تعالى ﴿يوم يكون الناس كالفراش المبثوث﴾ والفراش ما تهافت في النار من البعوض، والمبثوث : المنتشر ﴿وتكون الجبال كالعهن المنفوش﴾ والعهن : الصوف المصبوغ، وخص لإعداده للغزل إذ لا يصبغ لغيره بخلاف الأبيض فإنه - لا يلزم فيه ذلك، ثم ذكر حال الخلق في وزن الأعمال وصيرورة كل فريق إلى ما كتب له وقدر - انتهى.
ولما ألقى السامع جميع فكره إلى تعرف أحوالها، قال ما تقديره : تكون ﴿يوم يكون﴾ أي كوناً كأنه جبلة ﴿الناس﴾ أي الذين حالهم النوس على كثرتهم واختلاف ذواتهم وأحوالهم ومراتبهم ومقاديرهم وانتشارهم بعد بعثرة القبور وتحصيل ما في الصدور ﴿كالفراش﴾ أي صغار الجراد لأنها تتفرش وتتهافت على النار، أو هو طير غير ذلك لا دم له، يتساقط في النار وليس ببعوض ولا ذباب، وقال حمزة الكرماني : شبههم بالفراش التي تطير من هنا ومن هنا ولا تجري على سمت واحد وهي همج يجتلبها السراج، وقال غيره : وجه الشبه الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما تتطاير الفراش، وكثرة التهافت في النار وركوب بعضهم بعضاً - وموج بعضهم في بعض من شدة الهول كما قال تعالى ﴿كأنهم جراد منتشر﴾ [ القمر : ٧ ] ﴿المبثوث﴾ أي المنتشر المتفرق.