نظير هذه الآية قوله :﴿الحاقة * مَا الحاقة * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحاقة﴾ [ الحاقة : ١ - ٣ ] ثم قال المحققون قوله :﴿القارعة * مَا القارعة﴾ أشد من قوله :﴿الحاقة * مَا الحاقة﴾ لأن النازل آخراً لا بد وأن يكون أبلغ لأن المقصود منه زيادة التنبيه، وهذه الزيادة لا تحصل إلا إذا كانت أقوى، وأما بالنظر إلى المعنى، فالحاقة أشد لكونه راجعاً إلى معنى العدل، والقارعة أشد لما أنها تهجم على القلوب بالأمر الهائل.
ثم قال تعالى :﴿يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش * وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش ﴾.
قال صاحب الكشاف : الظرف نصب بمضمر دلت عليه القارعة، أي تقرع يوم يكون الناس كذا.
واعلم أنه تعالى وصف ذلك اليوم بأمرين الأول : كون الناس فيه : كالفراش المبثوث قال الزجاج : الفراش هو الحيوان الذي يتهافت في النار، وسمي فراشاً لتفرشه وانتشاره، ثم إنه تعالى شبه الخلق وقت البعث ههنا بالفراش المبثوث، وفي آية أخرى بالجراد المنتشر.
أما وجه التشبيه بالفراش، فلأن الفراش إذا ثار لم يتجه لجهة واحدة، بل كل واحدة منها تذهب إلى غير جهة الأخرى، يدل هذا على أنهم إذا بعثوا فزعوا، واختلفوا في المقاصد على جهات مختلفة غير معلومة، والمبثوث المفرق، يقال : بثه إذا فرقه.
وأما وجه التشبيه بالجراد فهو في الكثرة.