واعلم أن الله تعالى أخبر أن الجبال مختلفة الألوان على ما قال :﴿وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ ألوانها وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ [ فاطر : ٢٧ ] ثم إنه سبحانه يفرق أجزاءها ويزيل التأليف والتركيب عنها فيصير ذلك مشابهاً للصوف الملون بالألوان المختلفة إذا جعل منفوشاً، وههنا مسائل :
المسألة الأولى :
إنما ضم بين حال الناس وبين حال الجبال، كأنه تعالى نبه على أن تأثير تلك القرعة في الجبال هو أنها صارت كالعهن المنفوش، فكيف يكون حال الإنسان عند سماعها فالويل ثم الويل لابن آدم إن لم تتداركه رحمة ربه، ويحتمل أن يكون المراد أن جبال النار تصير كالعهن المنفوش لشدة حمرتها.
المسألة الثانية :
قد وصف الله تعالى تغير الأحوال على الجبال من وجوه أولها : أن تصير قطعاً، كما قال :﴿وحملت الأرض والجبال فدُكَّتا دَكّةً واحدة﴾ [ الحاقة : ١٤ ]، وثانيها : أن تصير كثيباً مهيلاً، كما قال :﴿وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب﴾ [ النمل : ٨٨ ] ثم تصير كالعهن المنفوش، وهي أجزاء كالذر تدخل من كوة البيت لا تمسها الأيدي، ثم قال : في الرابع تصير سراباً، كما قال :﴿وَسُيّرَتِ الجبال فَكَانَتْ سَرَاباً ﴾
[ النبأ : ٢٠ ] المسألة الثالثة :
لم يقل : يوم يكون الناس كالفراش المبثوث والجبال كالعهن المنفوش بل قال :﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾ لأن التكوير في مثل هذا المقام أبلغ في التحذير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٢ صـ ٦٧ ـ ٦٩﴾