وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ القارعة ﴾
من أسماء القيامة ؛ لأنها تقرع القلوب بالفزع، وتقرع أعداء الله بالعذاب.
والعرب تقول قرعتهم القارعة : إذا وقع بهم أمر فظيع.
قال ابن أحمر :
وقارعة من الأيام لولا... سبيلهم لراحت عنك حينا
وقال آخر :
متى نقرع بمروتكم نسؤكم... ولما يوقد لنا في القدر نار
﴿ والقارعة ﴾ مبتدأ، وخبرها قوله :﴿ مَا القارعة ﴾.
وبالرفع قرأ الجمهور، وقرأ عيسى بنصبها على تقدير : احذروا القارعة.
والاستفهام للتعظيم، والتفخيم لشأنها، كما تقدّم بيانه في قوله :﴿ الحاقة * مَا الحاقة * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحاقة ﴾ [ الحاقة : ١ ٣ ].
وقيل : معنى الكلام على التحذير.
قال الزجاج : والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب، وأنشد قول الشاعر :
لجديرون بالوفاء إذا قال... أخو النجدة السلاح السلاح
والحمل على معنى التفخيم، والتعظيم أولى، ويؤيده وضع الظاهر موضع الضمير، فإنه أدلّ على هذا المعنى.
ويؤيده أيضاً قوله :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا القارعة ﴾ فإنه تأكيد لشدّة هولها، ومزيد فظاعتها حتى كأنها خارجة عن دائرة علوم الخلق بحيث لا تنالها دراية أحد منهم، وما الاستفهامية مبتدأ، و ﴿ أدراك ﴾ خبرها.
و﴿ ما القارعة ﴾ مبتدأ وخبر.
والجملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني ؛ والمعنى : وأيّ شيء أعلمك ما شأن القارعة؟ ثم بيّن سبحانه متى تكون القارعة فقال :﴿ يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث ﴾.
وانتصاب الظرف بفعل محذوف تدلّ عليه القارعة، أي : تقرعهم يوم يكون الناس إلخ، ويجوز أن يكون منصوباً بتقدير اذكر.
وقال ابن عطية، ومكي، وأبو البقاء : هو منصوب بنفس القارعة، وقيل : هو خبر مبتدأ محذوف، وإنما نصب لإضافته إلى الفعل، فالفتحة فتحة بناء لا فتحة إعراب، أي : هي يوم يكون إلخ.
وقيل التقدير : ستأتيكم القارعة يوم يكون.
وقرأ زيد بن عليّ برفع يوم على الخبرية للمبتدأ المقدّر.