وقال ابن الجوزى :
﴿ الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) ﴾
قوله تعالى :﴿ يوم يكون النَّاس ﴾
اليوم منصوب على الظرف.
المعنى : يكون يوم يكون الناس ﴿ كالفراش المبثوث ﴾ وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه غوغاء الجراد، قاله الفراء.
قال ابن قتيبة : غوغاء الجراد : صغاره، ومنه قيل لعامة الناس : غوغاء.
والثاني : أنه طير ليس ببعوض ولا ذِبَّان، قاله أبو عبيدة.
والثالث : أنه ما تهافت في النار من البعوض، قاله ابن قتيبة.
وكذلك قال الزجاج : ما يُرى كصغار البَقِّ يتهافت في النار.
وشَبَّه الناس في وقت البعث به وبالجراد المنتشر، لأنهم إذا بعثوا ماج بعضهم في بعض.
وذكر الماوردي : أن هذا التشبيه للكفار، فهم يتهافتون في النار يوم القيامة تَهَافُتَ الفراش.
فأما "المبثوث" فهو المنتشر والمتفرِِّق.
قوله تعالى :﴿ وتكون الجبال كالعهن ﴾ وقد شرحناه في [ سأل سائل : ٩ ] و"المنفوش" الذي قد ندف.
قال مقاتل : وتصير الجبال كالصوف المندوف.
فإذا رأيت الجبل قلت : هذا جبل : فإذا مسسته لم تر شيئاً، وذلك من شِدَّة الهَوْل.
قوله تعالى :﴿ فأما من ثقلت موازينه ﴾، أي : رجحت بالحسنات، وقد بَّينَّا هذه الآية في أول [ الأعراف : ٨ ] وبيَّنَّا معنى "عيشة راضية" في [ الحاقة : ٢١ ]
قوله تعالى :﴿ فأمُّه هاوية ﴾، قرأ ابن مسعود، وطلحة بن مصرف، والجحدري "فإمه" بكسر الهمزة.
وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أُمُّ رأسه هاوية، يعني : أنه يهوي في النار على رأسه، هذا قول عكرمة، وأبي صالح.
والثاني : أنها كلمة عربية كان الرجل إذا وقع في أمر شديد قالوا : هَوَتْ أُمُّه، قاله قتادة.
والثالث : أن المعنى، فمسكنُه النار.
وإنما قيل لمسكنه : أُمُّه، لأن الأصل السكون إلى الأمَّهات.


الصفحة التالية
Icon