وقال أبو حيان :
سورة الْقَارِعَةِ
﴿ الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) ﴾
وقال الجمهور :﴿ القارعة ﴾ : القيامة نفسها، لأنها تقرع القلوب بهولها.
وقيل : صيحة النفخة في الصور، لأنها تقرع الأسماع وفي ضمن ذلك القلوب.
وقال الضحاك : هي النار ذات التغيظ والزفير.
وقرأ الجمهور :﴿ القارعة ما القارعة ﴾ بالرفع، فما استفهام فيه معنى الاستعظام والتعجب وهو مبتدأ، والقارعة خبره، وتقدم تقرير ذلك في ﴿ الحاقة ما الحاقة ﴾ وقيل ذلك في قوله :﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ﴾ وقال الزجاج : هو تحذير، والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب، قال الشاعر :
أخو النجدة السلاح السلاح...
وقرأ عيسى : بالنصب، وتخريجه على أنه منصوب بإضمار فعل، أي اذكروا القارعة، وما زائدة للتوكيد ؛ والقارعة تأكيد لفظي للأولى.
وقرأ الجمهور :﴿ يوم ﴾ بالنصب، وهو ظرف، العامل فيه، قال ابن عطية : القارعة.
فإن كان عنى بالقارعة اللفظ الأول، فلا يجوز للفصل بين العامل، وهو في صلة أل، والمعمول بالخبر ؛ وكذا لو صار القارعة علماً للقيامة لا يجوز أيضاً، وإن كان عنى اللفظ الثاني أو الثالث، فلا يلتئم معنى الظرف معه.
وقال الزمخشري : الظرف نصب بمضمر دل عليه القارعة، أي تقرع يوم يكون الناس.
وقال الحوفي : تأتي يوم يكون.
وقيل : اذكر يوم.
وقرأ زيد بن عليّ : يوم يكون مرفوع الميم، أي وقتها.
﴿ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ﴾، قال قتادة : هو الطير الذي يتساقط في النار.
وقال الفراء : غوغاء الجراد، وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض يركب بعضه بعضاً من الهول.
وقيل : الفراش طير دقيق يقصد النار، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق.
شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام، والتطاير إلى الداعي من كل جهة حتى تدعوهم إلى ناحية المحشر، كالفراش المتطاير إلى النار.
قال جرير :
إن الفرزدق ما علمت وقومه...