ورواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال رسول الله ﷺ :" ﴿ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم ﴾ : يعني عن شبع البطون...
" فذكره.
ذكره الماوردي، وقال : وهذا السؤال يعمّ الكافر والمؤمن، إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة.
وسؤال الكافر تقريع أن قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية.
وقال قوم : هذا السؤال عن كل نعمة، إنما يكون في حق الكفار، فقد " رُوي أن أبا بكر لما نزلت هذه الآية قال : يا رسول الله، أرأيتَ أكلةً أكلتُها معك في بيت أبي الهيثم بن التَّيْهان، من خبز شعير ولحم وبُسْر قد ذَنَّب، وماء عذب، أَتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي نُسأل عنه؟ فقال عليه السلام : ذلك للكُفار، ثم قرأ :﴿ وَهَلْ نجزي إِلاَّ الكفور ﴾ [ سبأ : ١٧ ] " ذكره القشيريّ أبو نصر.
وقال الحسن : لا يُسأَل عن النعيم إلا أهل النار.
وقال القشيري : والجمع بين الأخبار : أن الكل يُسْأَلون، ولكن سؤال الكفار توبيخ، لأنه قد ترك الشكر.
وسؤال المؤمن سؤال تَشْريف، لأنه شَكَر.
وهذا النعيم في كل نعمة.
قلت : هذا القول حسن، لأن اللفظ يعم.
وقد ذكر الفِرْيابي قال : حدّثنا ورقاء عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد، في قوله تعالى :﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم ﴾ قال : كل شيء من لذة الدنيا.
وروى أبو الأحوص عن عبد الله عن النبي ﷺ أنه قال :" إن الله تعالى لَيُعَدِّد نِعمه على العبد يوم القيامة، حتى يَعُدَّ عليه : سألتني فلانة أن أزوّجكها، فيسميها باسمها، فزوجتكها " وفي الترمذي عن أبي هريرة قال :
" لما نزلت هذه الآية :﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم ﴾ قال الناس : يا رسول الله، عن أي النعيم نُسْأَل؟ فإنما هما الأسودان والعدوّ حاضر، وسيوفنا على عواتقنا.


الصفحة التالية
Icon