وقال الفراء :
سورة ( التكاثر )
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾
قوله عز وجل :﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ...﴾.
نزلت فى حيين من قريش تفاخروا : أيهم أكثر عددا؟ ؛ وهما : بنو عبد مناف وبنو سهم فكثرت [/ب] بنو عبد مناف بنى سهم، فقالت بنو سهم : إن البغى أهلكنا فى الجاهلية، فعادّونا بالأحياء وَالأموات فكثَرتهم بنو سهم، فأنزل الله عز وجل :﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ﴾ حتى ذكرتم الأموات، ثم قال لهم :﴿كَلاَّ...﴾ ليس الأمر على ما أنتم [عليه]، وقال ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ... ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ...﴾. والكلمة قد تكررها العرب على التغليظ والتخويف، فهذا من ذاك.
﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾
وقوله عز وجل :﴿عِلْمَ الْيَقِينِ...﴾.
مثل قوله :﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾. المعنى فيه : لو تعلمون علما يقينا.
﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾
وقوله عز وجل :﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ...﴾.
﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا...﴾ مرتين من التغليظ أيضا. ﴿لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ...﴾ عينا لستم بغائبين، فهذا قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل البصرة بفتح التاء من الحرفين.
[حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال] حدثنا الفراء قال : وحدثنى محمد بن الفضل عن عطاء عن أبى عبدالرحمن السلمى، عن على رحمه الله أنه قرأ "لَتُرَوُن الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها"، بضم التاء الأولى، وفتح الثانية. والأوّل أشبه بكلام العرب، لأنه تغليظ، فلا ينبغى أن يختلف لفظه، ألا ترى قوله :﴿سَوْفَ تَعْلَمُون، ثُمَّ كَلاَّ سوْف تَعلَمون﴾؟ وقوله عز وجل :﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْر يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا﴾.


الصفحة التالية
Icon